الخميس، 19 يوليو 2012

المكتبة الرقمية ودورها في التنمية الاجتماعية



بسم الله الرحمن الرحيم
المكتبة الرقمية ودورها في التنمية الاجتماعية
                                                                                   أ.عبدالعزيز جابر محمد
مقدمه
      لقد أدى التطور الهائل في تقنية المعلومات ووسائل الاتصالات إلى حدوث تغيرات كبيرة في حياة المجتمع المعاصر بل أصبح من الواضح أن شكل العالم قد تغيّر كثيراً في كافة الجوانب "الاقتصادية، والصناعية، والزراعية، والاجتماعية، والسياسية" كنتيجة مباشرة لتطبيقات هذه التقنية وأصبح يعرف بمجتمع المعلومات، إلا أن هذا المجتمع المعلوماتي متخم بكم هائل من المعلومات في بعض أجزائه وفقير في أجزاء أخرى، والناظر للمشهد المعلوماتي في العالم اليوم يتبين له أن هناك فجوة معلوماتية بين الدول الغنية والدول الفقيرة ولردم تلك الفجوة لابد لسكان العالم الفقير - وبالرغم من شح الإمكانات - من التوظيف الأمثل لتلك الإمكانات الشحيحه بالاستفادة القصوى من الإمكانات التي توفرها تقنية المعلومات والاتصالات وذلك بتنمية مصادر المعلومات المحليةLocal Resources  بترقيمها واتاحتها على الخط المباشر Online  لأجل استخدامها بواسطة أكبر عدد من المستفيدين في الوقت الواحد Concurrent users دون أي عوائق زمانية أو مكانية،ونظراً لأهمية مصادر المعلومات الخارجية، خصوصاً مايتعلق بالمعلومات الحديثة التى توجد بمقالات الدوريات العلمية في كافة المجالات المعرفية والتي عجزت ميزانيات مكتباتنا في العالم العربي والإسلامي عموماً عن ملاحقة الاشتراك فيها،ولذلك أصبح لزاماً الاستفادة القصوى من تقنية المعلومات والاتصالات بالاشتراك في قواعد بيانات خارجية Information Databases   والتى يمكن الاشتراك فيها عبر اتحادات وطنية National Consortiums  تمكن من الحصول عليها بأقل تكلفة وبشروط استخدام ميسرة تتيحها على نطاق القطر ولعدد غير محدود من المستفيدين.
      والمكتبة الرقمية كثمرة من نتاج تطور تقنية الاتصالات والمعلومات يستطيع المستفيد استخدامها من أي مكان وفي أي زمان. وتطرح هذه الورقة تساؤلاً أساسياً يتمثل في أهمية الدور الذي تلعبه المكتبات عموماً والمكتبة الرقمية خصوصاً في تنمية المجتمع وفي رفع قدراته الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية؟ ومن ثم تعمل هذه الدراسة على محاولة إيجاد إجابة من خلال عرض يتناول أهمية المكتبات ومسيرتها الممتدة في الزمان حتى عصر المكتبة الرقمية Digital Library. والواقع أن المكتبات من أكثر المؤسسات التي تتأثر بالتقنيات الجديدة على امتداد التاريخ القديم والحديث، فمنذ أن بدأ الإنسان يمشى على مناكب الأرض ويأكل من رزقها، بدأت تتراكم لديه الكثير من المعارف والخبرات عبر تعاقب الحوادث والاكتشافات للبيئة من حوله، حيث كان يستعين بذاكرته الداخلية في حفظ تلك المعارف والخبرات، وعندما ناءت ذاكرته بها حفظاً لجأ إلى ذاكرة أكبر وأبقى أمداً، فبدأ بتسجيل الحوداث المهمة في حياته على جدران الكهوف والمعابد ثم على وسائط مختلفة من خلال تعاقب الاختراعات بالكتابة على الألواح الطينية حيناً وأوراق البردى حيناً آخر ثم الرق والورق والأشكال المصغرةMicroforms  والوسائل السمعية والبصرية Audiovisual   وأخيراً ظهر الشكل الرقمي Digital format والذي أحدث ثورة كبيرة في مجال المكتبات والمعلومات فظهرت إلى حيز الوجود المكتبة الرقمية.
      والحقُ أن اختراع الطباعة بالحروف المتحركة في عام 1455م قد كان فتحاً كبيراً مهد لكل التطورات الهائلة التى حدثت في هذا المجال.وفي كل مرحلة من مراحل تطور الكتابة والكتاب تحدث ثورة في عالم المكتبات تؤثر على طبيعة المكتبة وطبيعة عمل القائمين على أمرها وعلى خدماتها التى تهدف بها إلى إحداث تنمية اجتماعية شاملة في المجتمع.
أهداف الدراسة:
1.     تبيين أهمية المكتبة الرقمية في إحداث التنمية الاجتماعية الشاملة.
2.     توضيح أهمية المكتبة الرقمية في دعم التعليم عن بُعد.
3.     إبراز أهمية المكتبات عموماً والمكتبة الرقمية على وجه الخصوص في دعم البحث العلمي.
4.     المساهمة في إثراء المكتبة العربية والإسلامية في مجال المكتبات الرقمية وذلك من أجل ردم الفجوة المعلوماتية التي يعانى منها العالم العربي والإسلامي.
أسئلة الدراسة:
 لكي تحقق هذه الدراسة الأهداف السابقة تم طرح عدة أسئلة ستحاول الدراسة الإجابة عليها وهي:
أ‌.        ماهو الدور الذي تلعبه المكتبة الرقمية في تنمية المجتمعات ومعاشها وفي بناء القدرات؟
ب‌.   ماهو الدور الذي ستقوم به المكتبة الرقمية في دعم مؤسسات التعليم عن بعد؟
أهمية الدراسة:
      تكمُن أهمية هذه الدراسة فى محاولتها تببيين أهمية المكتبة الرقمية في مجتمع المعلومات الذي تأثر كثيراً بتقنية المعلومات والاتصالات في كافة أوجه نشاطاته،إذ تحولت كثير من المهن والنشاطات الانسانية إلى خدمات،وكان هذا الأثر أكثر وضوحاً في المكتبات ومراكز المعلومات لأن التقنية الجديدة قد غيرت من شكل المكون الأساسي للمكتبة وهو الكتاب الأمر الذي استلزم تغييراً في الخدمات المقدمة لجمهور المستفيدين بجعل المعلومات تنتقل إلى المستفيدين في أي مكان وأي زمان.
      ونسبة للمكانة الكبيرة التى ظلت تتبؤها المكتبات وسط كافة المؤسسات الاجتماعية والثقافية فإن هذه الدراسة ستؤدى إلى تسارع التنمية الاجتماعية مما يعتبر إضافة حقيقية للدراسات العربية والإسلامية في هذا المجال.
مصطلحات الدراسة:
أ‌.        المكتبة الرقمية:
مكتبة خدمات تستفيد من تقنية المعلومات والاتصالات لتمكن المستفيدين من الوصول السريع والمنظم للإنتاج الفكري المتاح في وسائط متعددة، هذه الوسائط توجد في شتى الأماكن كما توجد في فضاءات معلوماتية متعددة تعرف بالفضاء الرقمي  Digital space ، وهي بهذه الصفة تؤدى إلى إنهيار نظرية المكان الطبيعي أو الجغرافي الذي يجب أن يرتاده المستفيدون من أجل الحصول على الخدمات المكتبية المختلفة،كما تؤدي أيضاً إلى انهيار نظرية الزمان التى تتعلق بمواعيد تقديم الخدمات.ومن ذلك فإن المكتبة الرقمية تعمل على الجمع بين إدارة المكتبة كمكان وإدارة الفضاء الرقمي المختار.
ب‌.    مجتمع المعلومات Community Information:
هو المجتمع الذي تصبح تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أدوات أساسية فيه بحيث يمكن لجميع أفراد المجتمع من النفاذ إليها والاستفادة منها، كما تتاح في هذا المجتمع الفرصة لكل مواطن من الحصول على المعلومات ، بل والمشاركة في إنتاجها وممارسة كافة قدراته الخلاقة.
ج. التنمية الاجتماعية:
      يتمثّل مصطلح التنمية الاجتماعية في عملية إحداث تكيّف مقصود مع الظروف المتغيرة أو هي التغيّر العمدي لهذه الظروف، ومن ثم فإن هذا المصطلح في نظر " فيليب روب" يعني التغيّر من شئ غير مرغوب إلى شئ مرغوب فيه أو هي التوجيه العقلي للبناء الاجتماعي نحو تحقيق أهداف متضمنة في نسق القيم، وكذلك فإن التنمية الاجتماعية عند "لوري نلسون" تعني العملية الهادفة التي تؤدى إلى تنمية الوعي والاعتماد المتبادل بين المواطنين وتنمية قدراتهم على تحمّل المسؤولية ومواجهة مشكلاتهم،أما التنمية الاجتماعية في هذه الدراسة فنعني بها التغيير الاجتماعي المقصود الذي يهدف إلى بناء قدرات المجتمع الروحية والمادية لأجل مواجهة كافة المشكلات التي تعترضه.
المكتبة الرقمية "لمحة تاريخية":
      بدأت المكتبات ومنذ عام 1980م في حوسبة العمليات المكتبية وإتاحتها على الخط المباشر وكان السبق في هذا المجال لفهارس المكتبات فظهرت فهارس مثل "OPAC"  Online Public Access Catalogue ، وفي هذه الفترة أيضاً بدأ بعض الناشرين في استخدام الأقراص المدمجة "CDs"  بُغية تقديم خدمات معلوماتية أكثر جودة وكفاءة،وذلك فيما يتعلق بقواعد البيانات الببليوجرافية التي تمت إتاحتها على الخط المباشر Online عبر الشبكات المحلية أو داخل الحرم الجامعي.
      وللاستفادة من الامكانات الهائلة التى اتاحتها الشبكة الدولية للمعلومات World Wide Web تمكنت عدة شركات مثل شركة Information access وشركة EBSCO publication من إضافة النص الكامل Full text من مقالات الدوريات لما يتوفر لديهم من مجموعات ببليوجرافية على الخط المباشر، كما لجأ عدد آخر من ناشري قواعد البيانات أمثال Information and Engineering Institute for Science إلى إتاحة كشافات منشوراتهم على الشبكة الدولية للمعلومات "WWW "،هذا بالإضافة إلى ماقام به بعض الناشرين من إتاحة قوائم بمحتويات منشوراتهم "TOC" يتم عمل روابط Links لها تربطها بالنص الكامل.
ومن ثم تتابعت التطورات في هذا المجال وتسارعت في السنوات القليلة الماضية، حيث ظهرت الوثائق المحمولة في شكل فايلات   “Portable Document Files” PDFs،حيث يتم عمل مسح ضوئي scanning  للوثائق التقليدية وباستخدام لغة “ SGNL” “Standard Generalized mark up Language”يمكن استرجاع تلك الوثائق على الخط المباشر Online .وقد تم تبني هذا المشروع بواسطة عدد كبير من الناشرين أمثالAcademic press  و Elsevier  وذلك بهدف تقديم كل منشوراتهم على الخط المباشر، ومما سبق يبدو واضحاً إسهام النشر الإلكتروني الكبير في ظهور المكتبات الرقمية التي تجمع بين المصادر الإلكترونية ذات النصوص الكاملة Full text  كمقالات الدوريات والأعمال المرجعية الكاملة مثل دائرة المعارف البريطانية Encyclopaedia Britannica وبين قواعد البيانات البيليوجرافية Bibliographic Databases.
المكتبة بين عصر الثقافة المخطوطة والثقافة الرقمية
مدخل:
      لقد ظلت المكتبات وعلى مدى تعاقب العصور تعمل كمفاتيح طبيعية للإنتاج الفكري العالمي وللمقتنيات والوثائق الثقافية إنتاجاً وحفظاً.كما ظلت تعمل كوسيط بين الإنتاج الفكري والمجتمع في شكل جمهور المستفيدين وكوسيط يسهم مساهمة فعالة في التنمية الاجتماعية من خلال توسط المكتبات للعملية التعليمية التى تهدف إلى تنمية قدرات الإنسان الروحية والمادية.
عصر الثقافة المخطوطة والمطبوعة:
      لقد تم تسجيل محتوى ثقافة العصر الشفاهي Oral Culture  era في ذاكرة الإنسان المحدودة في شكل أشعار وقصص ودراما ورقص تمثل حكمة وقانون وديانة مجتمع ذلك العصر، يتم تناقلها جيلاً بعد جيل، وقد كان لذلك العصر أيضاً فضاءه الخاص والذي لايتجاوز حدود الصور المرئية وربط تلك الصور بالعقل وبالتالي فإن مكتبة ذلك العصر كانت عبارة عن أحداث يتم الاحتفال بها Ceremony ، بل أن الأفراد الأكثر حفظاً لتلك الأحداث الاحتفالية كانوا عبارة عن مكتبات متنقلة.
      وفي حوالي 3000 سنة قبل الميلاد قام السومريون باستخدام شعار مخطوط يجمع بين العلامات الصورية والإشارات التي تشير إلى وحدات كلامية حتى يتمكنوا من حكم امبراطوريتهم المترامية الأطراف،وكانوا أول من استخدم الألواح الطينية في الكتابة، وفي هذه المرحلة أيضاً تم اختراع الحروف الهجائية لتفرق بين الأصوات، ومن ثم فقد أصبح للقوم لغة متكوبة لها حروفها كما أصبح لهم أدوات يخطون أو يحفرون عليها خبراتهم وتجاربهم. وقد أدى دخول الكلمة المكتوبة لحياة المجتمعات إلى تحول المكتبة من حدث للاحتفال إلى مكان للعبادة يحتوى على مخطوطات دينية حيث يتم نسخ الكتب وحفظها وتنظيمها.إلاّ أن ارتفاع قيمة تلك الكتب المخطوطة قد حال دون انتشار تداولها وبالتالي انحصرت في دور العبادة.
      ومابين الكتاب المخطوط الذي يرجع إلى العام 3000 ق م واختراع المطبعة التى تعمل بالحروف المتحركة في العام 1455م ظل الكتاب تحفة نادرة أسيرة في دور العبادة أو محفوظة في دور الأثرياء، إلاّ أن اختراع جوتنبرج قد شكّل علامة فارقة في تاريخ الكتاب وسرعة انتشاره وتدواله بين كافة طبقات المجتمع مما مهد لعصر جديد في تاريخ المكتبات التى أصبحت أكثر مساهمة في تنمية المجتمعات عبر توسطها للعملية التعليمية في دور العبادة والمؤسسات الدينية ومراكز البحث العلمي والجامعات والمعاهد العليا وكافة المؤسسات الثقافية والاقتصادية والصناعية، لأن المكتبات عبارة عن هيئات تعمل على تحقيق أهداف المؤسسات التى توجد بداخلها.
      ومن ثم فقد لعبت المكتبة في عصر الثقافة المخطوطة والمطبوعة دوراً مفتاحياً في الجانب الفكري والسياسي والاجتماعي والثقافي وذلك من خلال عملية اختيار واقتناء وتنظيم وتحليل وإتاحة الإنتاج في شكل خدمات كالإعارة والمراجع والإحاطة الجارية والبث النتقائي للمعلومات...الخ.
عصر الثقافة الرقمية The Cybrary in the digital Culture
      لقد قضت الثقافة الرقمية على ثقافة عصر الحداثة وذلك بدخول المكتبة الرقمية التى توفر الوصول السريع وغير المحدود بمكان أو زمان للمعلومات وذلك عن طريق الاستفادة القصوى من الشبكة الدولية للمعلوماتWorld Wide Web فالتقنية الرقمية قد أفضت إلى ثورة كبيرة في طبيعة الكتاب وشكله وإلى ثورة في طرق تعلّم المجتمع وثقافته وهويته، وبمقارنة الكتاب المادي بالكتاب الرقمي نجد أن الكتاب المادي يتطلب مكاناً بعينه ويتطلب حفظاً في مكان مركزيCentrally  ويتطلب من الطلاب والباحثين والدارسين أن ينتقلوا للمكتبة كمكان طبيعي لاستخدام هذا الكتاب المادي، أما الكتاب الرقمي فيتميز بالمرونة وبحداثة المعلومات التي يحملها، إذ أن تقنية المعلومات والاتصالات بتقديمها للبروتوكولات فائقة السرعة لنقل النصوصHyper text transfer protocol   مكنت المستفيدينusers من الوصول السريع والمنظم للمعلومات من أي مكان وفي أي زمان، داخل الحرم الجامعي وخارجه.
      كما يتميز هذا الشكل بإمكانية استخدامه بواسطة آلاف المستفيدين في الوقت الواحد ويتميز أيضاً بسهولة توصيله إلى الباحثين والدارسين عبر البريد الإلكتروني مما يسهل حفظه في ملفات وطباعته وتحميله.
ملاحظات على عملية التحول من المكتبة التقليدية إلى المكتبة الرقمية
‌أ.        ظهرت مكتبات تتكامل فيها كافة العمليات المكتبية التى تجمع بين الإجراءات التقليدية وبين الخدمات المتاحة على الخط المباشر Online وتسمى هذه المكتبة بالمكتبة المهيبرة Hybrid library وهي ثمرة من ثمار تطبيق تقنية المعلومات على الواقع المكتبي التقليدي.
‌ب.   التحول التقني والاقتصادي في الذاكرة من المكان المحدود الذي يحتوي على المصادر التقليدية من الوثائق إلى الذاكرة الرقمية التي تلعب دوراً بارزاً في اقتصاديات المعلومات وتجارتها.
‌ج.    إن عملية ضغط الفضاء والزمان الذي تعيشه مجتمعات اليوم وإمكانية الوصول عن بعد لمصادر المعلومات مؤشر لانهيار جدران المكتبة كمكان طبيعي لمصادر المعلومات.
‌د.       هل يؤدي انهيار جدران المكتبة إلى ما يمكن أن نطلق عليه نهاية الجغرافيا بالنسبة للمكتبات كمكان طبيعي لمصادر المعلومات؟ فالمكان عبر هذه التقنية أصبح يتم تعريفه من خلال العلاقات البينية بين نقطتين. والمكتبة الرقمية نفسها Digital Library  تحولت إلى مكتبة سيبرنية Cybrary غير مادية توجد في الفضاء السيبرينى الذي يعرف بأنه ليس بمكان كالفضاء ولكنه فضاء يجمع بين المكان والفضاء. وبالتالي فإن السيبرنيات Cybraries  عبارة عن بوابات للوصول للمعلومات التى توجد في أي مكان في العالم والتي يستخدمها المستفيدون في الزمان والمكان المناسبين لهم.
‌ه.       إن التحول من المكتبة التقليدية إلى المكتبة الرقمية سينعكس على حركة البحث العلمي في كافة المؤسسات ومن ثم تحدث المكتبة الرقمية تأثيرها المباشر على التنمية الاجتماعية.
مقارنة بين المكتبة التقليدية والمكتبة الرقمية
م
المكتبة التقليدية
المكبتة الرقمية
1
مكان طبيعي يرتاده المستفيدون
فضاء رقمي يمكن ارتياده من أي مكان
2
كتاب مطبوع
كتاب رقمي
3
توجد ساعات محددة لتقديم الخدمات في اليوم
تعمل خلال الـ 24 ساعة في اليوم
4
يوجد اتصال مواجهي بين المستفيدين وأمناء المكتبات
لايجد اتصال مواجهي face to face بل يوجد اتصال تفاعلي
5
استخدام الكتاب الواحد يتم بواسطة مستفيد واحد
استخدام الكتاب الرقمي يتم بواسطة آلاف المستفيدين في الوقت الواحد Concurrent users
6
تقادم المعلومات خصوصاً التي توجد في الكتب
حداثة المعلومات خصوصاً مقالات الدوريات التى توجد كنصوص كاملة في قواعد بيانات يتم تحديثها يومياً.
7
المستفيد لابد أن ينتقل إلى المكتبة ليحصل على خدماتها "باستثناء المكتبات المتنقلة"
المستفيد يمكن أن يستخدم المكتبة من أي مكان
8
معلومات قديمة وحديثة
المعلومات التى توجد بالمكتبات الرقمية ترجع إلى الثلاثين عاماً الماضية فقط
9
معلومات الكتاب التقليدي بعد شراءه يسمح باستخدامه إلى الأبد
الاشتراك في قواعد البيانات عبر الرخصة القومية يتيح استخدامها فقط في الفترة المحددة للاستخدام حسب العقد
10
لاتحتاج إلى بنية تحتية تتعلق بسعة الشبكات
تحتاج إلى بنية تحتية تتعلق بسعة الشبكات
11
لايمكن عبرها الوصول إلى المصادر التاريخية
يمكن عبرها الوصول إلى المصادر التاريخية التى يتم ترقيمها
12
بطء في سرعة الوصول للمعلومات مقارنة بالمكتبة الرقمية
سرعة الوصول إلى المعلومات

المكتبة الرقمية والتنمية الاجتماعية:
·        إن نمو أي مجتمع يعتمد بالدرجة الأولى على تشجيع هذا المجتمع للثقافة والعمل على نشرها بين أفراده لأن ذلك يشجع على الاختراع، والمكتبة الرقمية بما تشتمل عليه من مميزات تتجاوز بها الحواجز الزمانية المكانية للمكتبات المقيمة ،تساهم في نشر الثقافة وبالتالي تعمل على تنمية المجتمعات، فكلما انتشرت الثقافة في مجتمع ما أرتقى واتجه نحو التنمية.
·        وقد أكد الاتحاد الدولي لجمعيات المكتبات "IFLA" في عام 2004م على أن المكتبات عبارة عن عوامل مفتاحية أساسية للتزود بمصادر المعلومات في مجال الاقتصاد والثقافة وكافة المجالات المعرفية التي تتصل بالإنسان ونشاطه وذلك لاقتناعه بأن المكتبات تسهم مساهمة فعالة في التنمية الاجتماعية وإشاعة الحرية الفكرية وهي صمام الأمان للقيم الديمقراطية وتعمل على حفظ الحقوق المدنية وتشجع على التضامن الاجتماعي وذلك من خلال الخدمات التي تقدمها لكافة أفراد المجتمع بغض النظر عن العمر أو الجنس أو النوع أو الحالة الاقتصادية أو الدينية أو العرقية أو السياسية أو المقدرات العقلية.
·        وحسب رؤية الاتحاد الدولي لجمعيات المكتبات حول مفهموم مجتمع المعلومات على اعتبار أنه المجتمع الذي يتمكّن كل فرد فيه من إنتاج المعلومات والوصول إليها واستخدامها وتشاركها اعتماداً على أن ذلك يمثل حقاً أساسياً للإنسانية في المعلومات وذلك من حيث اتاحتها والتعبير عنها بدون قيود، مما سبق يمكن للمكتبة الرقمية أن تلعب دوراً أساسياً في تنمية المرأة التي تحول بعض التقاليد في بعض البلدان دون وصولها إلى المكتبات المقيمة.
·        وتسهم المكتبات الرقمية اسهاماً فعالاً في مجتمع المعلومات وتنميته وخير مثال على ذلك شبكة مجتمع معلومات مكتبة جامعة بتسبرج التي تقدم خدماتها لكل الإقليم وتشمل هذه الخدمات الوكالات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية.وفي ولاية نيويورك توجد قاعدة مصادر معلومات المجتمع Databases Community Resource تخدم اتحاد منظمات الولاية ويتم إدارتها بواسطة مكتبة نيويورك. وفي عام 1959م قدم Thomas Childers   تقريراً عن المعلومات واسترجاعها في الولايات المتحدة بيّن فيه أن 68% من المكتبات العامة تقدم خدمات لمجتمع المعلومات ومنذ ذلك التاريخ تم تخطيط وتطوير قواعد البيانات لتسهم في تزويد مجتمع المعلومات بالمعلومات.
·        المكتبة الرقمية تدعم التعليم عن بعد وتساهم في التنمية الاجتماعية، حيث يطرح ستان دافيز Stan Davis سؤالاً يقول فيه: ماذا يحدث عندما يحتاج الطالب الافتراضي إلى استخدام المكتبة الافتراضية في الجامعة الافتراضية؟ ويجيب بأن هنالك حاجة ماسة لإصلاح العملية التعليمية بالنسبة للدارسين الذين حالت ظروف اجتماعية واقتصادية دون مواصلتهم لتعليمهم الرسمي، ومن ثم فإن تعليم الناضجين قد وضع كمعالجة لأوضاع مثل هؤلاء الدارسون وذلك بمدهم بالمهارات الأساسية كجزء من التعليم مدى الحياة والذي أصبح ضرورة قصوى من أجل تغيير أوضاعنا وأدوارنا في مجتمع المعلومات.
وقد أصبح عدد الدارسين الذين ينتمون لبرامج التعليم المستمر يفوق عدد أولئك الذين ينتمون للتعليم التقليدي،إذ أن الكثير من الدارسين قد بدأوا في الاستفادة من الفرص التي تتيحها ثورة الاتصالات وتقنية المعلومات، وبالتالي أصبحوا أكثر تعوداً على نظام الفصول الدراسية التى تتاح في أي مكان وعلى المصادر التعليمية التي يمكنهم الوصول إليها بسهولة ويسر في شكلها الرقمي المتاح من خلال المكتبة الرقمية.
وهناك علاقة متبادلة بين المكتبات الرقمية ومؤسسات التعليم عن بعد، فمثلاً نظام التعيينات التي تحرص الجامعات التي تقدم برامج تعليم عن بعد على توزيعها على الدارسين للإجابة عليها ،هذه التعيينات يمكن ترقيمها ووضعها على صفحة المكتبة الرقمية ليقوم الطلاب بالإجابة عليها وإرسالها عبر البريد الإلكتروني.
·        إن عملية دعم التعليم عن بعد بواسطة المكتبة الرقمية قد أصبح أمراً لابد منه، إذ تقوم المكتبة الرقمية بتحديد قراءات للدارسين ترتبط بالمقررات الدراسية تسمى بالقراءات المفيدة Further Readings ، ولاتقف عند ذلك الحد بل تقوم بدعم المناهج الدارسية في الجامعة الافتراضية.
·        وكمثال على ذلك فقد قامت جامعة Western Governors University  في عام 1997م بطرح مشروع لمشاركة مصادر التعليم العالي عن بعد في 16 ولاية ومقاطعة تتشارك في جهود تعاونية لأجل إنشاء مكتبة افتراضية تعمل على دعم الدارسين من الطلاب الذين لايستطيعون الوصول للمصادر المكتبية التقليدية وذلك بالنسبة للمؤسسات والجامعات المشاركة في المشروع.
وكما أسلفنا فإن المكتبات عبارة عن هيئات تعمل على تحقيق أهداف المؤسسات التي تتبع لها، فالمكتبات في مؤسسات التعليم عن بعد تعمل على تحقيق أهداف تلك المؤسسات والتي تدور في مجملها حول تنمية الأفراد والمجتمعات، ففي جامعة Yashwantrao Chavon Maharshtra Open University الهندية التي تأسست في عام 1989م والتي نجد أن من أهم أهداف مكتبتها الرقمية مايلي:
‌أ.        تحقيق أهداف الجامعة.
‌ب.   أن تعمل كمؤسسة مفتاحية تمكن الدارسين من المشاركة في مجتمع المعلومات عبر تزويدهم بمهارات جديدة.
‌ج.    أن تعمل المكتبة على دعم كل الجهود الفردية الساعية للتنمية الذاتية وتنمية القدرات.
‌د.       أن تعمل كهيئة تكاملية لنظام التعليم عن بعد، تدعم طلب المعرفة وتساعد الدارسين وتمكنهم من الوصول للمعلومات والتفاعل معها.
‌ه.       المكتبة يجب أن تكون مفتوحة للجميع ومن ثم تحقيق العدل والمساواة.
‌و.      المكتبة يجب أن تقوم بقيادة عملية التغيير وتتبوأ مكانها في حركة المجتمع.
‌ز.     المكتبة يجب أن تعمل كنقطة ارتكاز لعمل الشبكات المزودة بتقنية معلومات حديثة تتيح للدارسين فرص النقاش في شكل مجموعات في الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
‌ح.    المكتبة الرقمية بمميزاتها العديدة تسعى للتكامل مع العملية التربوية والتعليمية وكافة مؤسسات المجتمع.
ونلاحظ أن هذه الأهداف تتطابق تماماً مع أهداف المؤسسة الأم والتي تعمل على تحقيق التنمية الاجتماعية الشاملة
وإليك هذا الجدول الذي يعتبر بمثابة دراسة مقارنة بين المكتبة الرقمية ومؤسسات التعليم عن بعد يوضح التشابه  الكبير بينهما في الوظائف والأهداف:
م
المكتبة الرقمية
مؤسسات التعليم عن بعد
1
التركيز على جمهور المستفيدين
التركيز على الدارس
2
تتيح التعليم الذاتي لكافة أفراد المجتمع وخاصة تلك الفئات التي حالت ظروف اجتماعية أو اقتصادية أوثقافية أو جغرافية دون وصولها للمكتبة
تتيح التعليم الذاتي لكافة أفراد المجتمع خاصة تلك الفئات التي حالت ظروف معينة دون مواصلتها لتعليمها كالمرأة وسكان الريف
3
تنقل المعلومات للمستفيد في الزمان والمكان المناسبين
تنقل العملية التعليمية إلى الدرسين في الزمان والمكان المناسبين
4
المرونة التي توفر المكتبة الرقمية وذلك فيما يتعلق بزمان ومكان الاطلاع على مصادر المعلومات الرقمية
المرونة في اختيار مكان وزمان الاطلاع على المادة التعليمية
5
تقدم خدمات تفاعلية من خلال الهاتف والمحادثة المكتوبة دعماً لخدمات المكتبة وتحقيقاً للجودة النوعية
تقدم محاضرات تفاعلية عبر الإذاعة والتلفزيون التفاعلي ومؤثرات الفيديو دعماً للعملية التعليمية ولتحقيق الجودة
6
لايوجد اتصال مواجهي face to face بين أمين المكتبة وجمهور المستفيدين كما هو الحال في المكتبات المقيمة
لايوجد اتصال مواجهي face to face من خلال المحاضرات وقاعات الدرس
7
يمكن استخدام محتويات المكتبة الرقمية بواسطة آلاف المستفيدين في الوقت الواحد
تستوعب مؤسسات التعليم عن بعد أعداداً كبيرة من الدارسين مقارنة بمؤسسات التعليم التقليدي
8
كلفة المكتبة الرقمية بسيطة جداًً إذا ماقورنت بالكلفة الإدارية للمكتبة التقليدية
كلفة التعليم عن بعد أقل من كلفة التعليم التقليدي
9
تطبيقات المكتبة الرقمية في واقع المكتبات المقيمة أفرز نوعاًً آخر من المكتبات المهيبرة التي تجمع بين المجموعات التقليدية والمجموعات الرقمية
تباينت تطبيقات التعليم عن بعد من نظام الكورسات بالمراسلة إلى نظام الفصول الدراسية إلى نظام الدراسة من خلال الانترنت
الخلاصة:
خلصت الدراسة إلى أن المكتبات عموماً والرقمية على وجه الخصوص وبما تشتمل عليه من مميزات تتمثل في حداثة معلوماتها وفي امتدادها المتجاوز للحواجز الزمانية والمكانية للمكتبات المقيمة وبتوسطها للعملية التعليمية في كافة المؤسسات وفي الدور المفتاحي الذي تلعبه في مراكز البحث العلمي وبكل تلك المميزات تسهم المكتبة الرقمية اسهاماً حقيقياً في دفع العملية التنموية على وجه الخصوص كما يلي:
1.       تتطلب التنمية انتاجاً فكرياً يتميز بالجودة. والمكتبة الرقمية عبر تنميتها للانتاج الفكري المحلي بترقيمه واتاحته على نطاق القطر وعبر الاشتراك في قواعد بيانات خارجية توفر هذا الإنتاج الفكري الجيد.
2.       المكتبة الرقمية تعمل على تنمية قدرات الأفراد بواسطة توفير احتياجاتهم من المعلومات Information Needs .
3.       المكتبة الرقمية تعمل على توفير المعلومات العلمية الحديثة وتتيحها وتوفرها على نطاق القطر .وهذا يمثل أول خطوة في سبيل تكوين مجتمع معلومات مفتوح تنساب فيه المعلومات في جميع الاتجاهات ومن ثم تتحقق التنمية الاجتماعية المنشودة.
4.       لا يمكن إحداث التنمية الحقيقية إلاّ من خلال الاهتمام بالبحث العلمي والتطبيقي والتقني الذي يتطلب مصادر معلومات حديثة والتي لا تتوفر إلاّ بالمكتبات الرقمية.



التوصيات:

1.       الاهتمام بمصادر المعلومات المحلية وذلك بجمعها وتنظيمها وتحليلها وترقيمها واتاحتها على الخط المباشر Online لكافة الباحثين والدارسين.
2.       الاشتراك في قواعد بيانات خارجية تتيح النص الكاملFull textفي كافة المجالات الموضوعية وإتاحة تلك القواعد على نطاق القطر وذلك من أجل إحداث التنمية الحقيقية للموارد.
3.       ضرورة توفير بنية تحتية قوية في مجال الطاقة والاتصالات وتقنية المعلومات.
4.       الاهتمام بدعم الاتحادات الوطنية للمكتبات National Consortiums لتلعب دورها كاملاً في تنظيم تشارك المصادر المكتبية المحلية الخارجية، كما أن هذه الاتحادات تمكّن من الاشتراك في قواعد بيانات خارجية بشروط ميسرة وبرخصة استخدام يتم الاستفادة منها على نطاق القطر ولعدد غير محدود من المستفيدين.
5.       ضرورة الاهتمام بالتدريب وتبادل الخبرات.


































المصادر والمراجع
1.     القمة العالمية لمجتمع المعلومات: جنيف، 2003م.
2.     Luther, Judy: Distance learning and the digital library; Education Review; July/Aug 1998, vol.33, issue4.
3.      Kepitzre Cushla: Jan,2001, Ceremony and Cybrary: Digital libraries and the dialectic of place and space, social Alternatives;,vol.20,issue1.
4.     Tennant,Roy: June,1999 Of human and human assistance, library Journal;,vol.124,issue1.
5.      Guenther, Kim: ; Jan.2000 Designing and managing your digital library, Computers in Library, vol.20.issue1.
6.     Durrance, Joanc : Jan.2000, Community Information, technological touch; library Journal, ,vol.125,issue 2.
7.      Tise, Ellen: 2004, Information library: continuing challenge for National and University libraries,6th standing conference  of African National  and University libraries Kampala.
8.     Durrance, Joanc : 2003,  Determining How libraries and librarians help; library trends, spring, vol.51.issue 4.
9.     Alfino, mark : Jan. 2001 The social Nature of Information, library trends.,vol.49,issue3.
10.      Casado, Margaret: ,April1, 2001 Delivering library services to remote students; Computers in libraries ,vol. 21,issue 4.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق