الخميس، 19 يوليو 2012

التعليم عن بعد ونقل المعرفة


 التعليم عن بعد ونقل المعرفة


                                                             أ. جلال من الله جبريل ـ جامعة السودان المفتوحة  
مقدمة :-                                                                      
          إن تطبيق الثورة العلمية والتقنية في مجال النظام التربوى او العملية التربوية (تكنولوجيا التعليم ) ، هو تطبيق للمعرفة القائمة  على أسس علمية في البحث التربوي,  وحل المشكلات التعليمية ، وهى عملية مركبة يشترك فيها الافراد والاساليب والادوات والتنظيمات بغية تحقيق هدف تربوى أو اكثر بفعالية وكفاية.
واستخدام التكنولوجيا في عملية التعليم والتعلم أدى لرفع مستوى اداء المعلم كما أنها تساعد المتعلم على الاستيعاب بطريقة أفضل.
وتكنولوجيا التعليم تهتم باستخدام الأسلوب المنهجي أو أسلوب النظام لتحقيق أهداف العملية التعليمية بصورة اشمل واعم وهى لا تعنى فقط استخدام الآلآت في التدريس كما يعتقد الكثيرون من رجال التربية والتعليم.
          ( فليس المهم في ميدان العلوم الانسانية والتعليم هو مجرد استخدام الالات ولكن الأهم هو الأخذ بالاسلوب المنهجى أو اسلوب النظام الذى يكمن وراء عمل هذه الآلآت واستخدامه لتحقيق اهداف محددة بكفاءة عالية ).
وتكنولوجيا التعليم تهتم بالعملية التعليمية تصميماً وتنفيذاً وتقويماً باستخدام وسائل تقنية متعددة لحل مشكلات التربية والتعليم.
   ( تكنولوجيا التعليم هى الطريقة المنهجية للتصميم والتطبيق والتقويم الكامل لعملية التعليم والعلم مع مراعاة الوسائل التقنية والوسائل البشرية واوجه التفاعل بينها في آن واحد بحيث يسهل التوصل الى تعليم يتسم بمزيد من الفعالية )
          ( إن التقنيات التعليمية عملية كاملة معقدة – مركبة – تشمل الأفراد العاملين، الاساليب والأفكار، الأدوات، والتنظيمات التى تتبع في تحليل المشكلات، واستنباط الحلول المناسبة لها، وتنفيذها، وتقويمها،وإداراتها في مواقف يكون التعليم فيها هادفاً وموجهاً يمكن التحكم فيه )
والباحث يرى أن تقنيات (تكنولوجيا) التعليم هى تحديد وتنظيم وتصميم واستخدام مدخلات العملية التعليمية وضبط وتنفيذ عملياتها وتقويم مخرجاتها وفق نظام وأسلوب علمى منهجى لحل مشكلات التربية ومن ثم  تطبيقها مستقبلاً بكفاءة واقتدار.
          وبنظرة فاحصة الى التعريفات السابقة نجد إن التعليم عن بعد يمثل واحد من التقنيات التى استخدمت في مجال التربية والتعليم لحل بعض إشكالياتها حيث نجد فيه حل لمشكلة من منعته ظروفه أياً كانت عن الدراسة النظامية وكما انه يتلافى مشكلة الانفجار السكانى الذى صَعب معه إيجاد مكان للدراسة النظامية لكل مستحق لها.
          (والتعليم عن بعد يعتبر ممارسة حديثة نسبياً حيث أن بداياته لم تتجاوز المائة عام إلا قليلاً وذلك ببداية التعليم بالمراسلة الذى يعتبر نوعاً من أنواع التعليم عن بعد.
ونجد أن للتعليم عن بعد نشأة ومفهوم قد يختلف من مؤسسة لأخرى ولكن أهدافه في نهاية الأمر مشتركة حيث أنه يقدم التعليم بطريقة غير الطريقة الوجاهية التقليدية وللتعليم عن بعد خصائص تحدد ملامحه العامة التى قد تختلف نوعاً ما من مؤسسة لأخرى، كما نجد له إسهاماته المتعددة في مجال التعليم، والتعليم عن بعد استخدم وسائل وتقنيات عدة بدأت من المادة المطبوعة والى أن وصلت عهد الإنترنت ويتم استخدام هذه الوسائل - مطبوعات ، إذاعة ، أشرطة سمعية ، تلفزيون ، أشرطة مرئية ، حاسوب ، أقمار صناعية ،وانترنت – منفردة أو بعضاً منها واحياناً كلها على حسب ظروف وقدرات المؤسسة والبلد الذى يقدم التعليم عن بعد .
ولهذا فان التعليم عن بعد اصبح فعالاً نسبة لتعدد مصادره.
          (يقوم التعليم الفعال على تعدد مصادره: فالتعليم المتعدد المصادر اقوى من التعليم ذى المصدر الواحد )
          وكما أن التعليم عن بعد يعتبر من التقنيات التربوية التى تهتم وتراعى الفروق الفردية للدارسين (واعتمد علماء التربية لمراعاة الفروق الفردية اتباع بعض الاستراتيجيات العلمية لإتاحة قدر اكبر في التفريد. ومن هذه الاستراتيجيات تطوير صيغَ تقديمية للمنهج المكتوب عادة، مثل منهج مسموع أو مرئى أو سمعى مرئى وهذا النوع من التدريس الفردى يقتضى إختلاف الصيغة التقديمية والتوقيت من تلميذ لآخر ).
النشأة – التاريخ – التطور :-
          يرى البعض أن التعليم  عن بعد قديم قدم التاريخ والانسان وذلك من حيث الفحوى والجوهر ، لان التعليم المفتوح او التعليم عن بعد في حقيقته يعتبر تعلماً ذاتياً ، فالانسان كان ولفترات طويلة من تاريخه – قبيل ظهور التعليم النظامى والمدارس – كان يعلم نفسه بنفسه من خلال الملاحظة والتقليد والممارسة في بيئته ومن آبائه وغالباً ما يمتهن الابن مهنة أبيه ، ولذا يمكن القول بأن التعلم والتعليم الذاتى سابقاً للتعليم النظامى .
          أما من حيث ظهور هذا النمط من التعليم ،ونهجه المختلف والموازى للتعليم التقليدي فيمكن القول بأن بدايات التعليم عن بعد أو المفتوح كانت تتمثل في التعليم بالمراسلة الذى بدأ مبكراً جداً ، والبعض يرجعه الى أخريات القرن السادس عشر أو السابع عشر ، ولكن أول تجربة رصدت ووثقت تاريخه كانت في السويد عام (1868م) على يد هانسى  هيرمود (Hans Hermad ) إذ كان يقوم هذا المعلم بمساعدة طلبته الذين لم يتمكنوا من الاستمرار بالذهاب الى المدرسة الرسمية فكان يرسل إليهم الدروس ثم الاسئلة التى يجيب عنها الطلاب بعد إنجاز الدروس كما تذكر مصادر أخرى أن البداية كانت في بريطانيا قبل ذلك التاريخ بكثير حيث كانت هناك مدرسة أو معهد يعنى بتعليم اللغة والاختزال بالمراسلة وفي الحقيقة أن التعليم بالمراسلة ترعرع ونما وانتشر بصورة واضحة في بريطانيا وانطلق منها الى الكثير من بلدان العالم سيما المستعمرات البريطانية وأصبح موجه عمت العالم في الفترة بين الحرب العالمية الأولى والثانية وبعدهما.
          والتعليم بالمراسلة كان نهجه وأسلوبه يعتمد فقط وبصورة جوهرية على إرسال المقررات والكتب الى المتعلم عن طريق البريد ،ثم جلوس المنتسب للامتحان الذى يعقد في احدى المراكز المتعاونة مع الجامعة أو المعهد مثل المجالس البريطانية ، ولا علاقة للمتعلم بالمؤسسة أو المعلم من قريب أو بعيد ولا يترتب على المؤسسة ادنى التزام أو متابعة للمتعلم  كما ان المناهج والمقررات لا تصمم خصيصاً للمتعلم بما يراعى  قدراته العقلية والعلمية وبما يوافق رغباته وحاجاته وتكوينه النفسى والعمرى ،أو بالاحرى أنها كانت بعيدة عن التطور العظيم في مجال التربية والتعليم وعلم النفس التربوي ، والذى اضحى من الأهمية والضرورة بمكان في بناء المناهج والمقررات وجميع مشروعات التعليم والتعلم .
ثم حدث المزيد من التقدم في مجال التعليم بالمراسلة مع ظهور البرامج التعليمية الإذاعية ثم التلفزيونية ، والتى ركزت في البداية على اللغات وأبرزها برامج (BBC )  مما دفع البعض من المهتمين الى دراسة جدوى هذا البرنامج والفائدة المترتبة عليها في تقديم تعليم حقيقى وفعال.
وادى انتشار التعليم بالمراسلة وتغطية أنحاء كثيرة من العالم الى تطوره من حيث  تقديم برامج متنوعة وهادفة بعد أن كان مختصراً في الغالب الأعم على اللغات والمحاسبة ومن مظاهر ذلك التقدم قيام المجلس العالمى للتعليم بالمراسلة .. ( International Council for Correspoance Education  )  أستمرت هذه التسمية فترة طويلة جداً ومع  تقدم التعليم المفتوح والجامعات المفتوحة وتجاوزه للتعليم بالمراسلة ( الذى اعتمد على البريد فقط كوسيلة رئيسية للاتصال ، وعدم عنايته بتطوير المناهج والمقررات ومحدودية عرضه بما لا يتيح للمتعلم بدائل تحقق رغباته فضلاً عن عدم وجود مؤسسة تعنى بالتواصل مع المتعلم ورعايته والحد من عزلته وتذليل صعوباته كل ذلك وغيره أدى الى بقاء التعليم بالمراسلة مرحلة جامدة وسابقة للتعليم عن بعد الحديث لكن لا زالت باقية تعيش في ثناياه وتعد نمطاً  من أنماطه ).
ومن ثم تقدم التعليم عن بعد تقدماً هائلاً وبرز ذلك واضحاً مع بروز جامعة لندن المفتوحة عام 1969/ 1971م إلا أن المجلس العالمى للتعليم  بالمراسلة لم يقتنع بتعديل اسمه ونهجه الا في عام 1982م  حيث أصبح ( المجلس العالمى للتعليم عن بعد ) ويعد هذا المجلس اكبر مؤسسة عالمية تهتم باستراتيجية وأساليب التعليم المفتوح وبتطويره والبحث في قضاياه ومقر هذا المجلس (اوسلو ) عاصمة دولة النرويج ولكنه يعقد سنوياً مؤتمر – عن قضايا التعليم عن بعد  - في احدى الدول في نطاق العالم.
وعندما بدأ الانتقال والتطور من مرحلة التعليم بالمراسلة ، كان التعليم عن بعد منطوياً  في حقل تكنولوجيا التعليم ويعد واحداً من فروع هذا المجال الحديث ، إلا أن التعليم عن بعد تطور وتوسع بصورة مذهلة وتمدد هذا المجال بلا حدود واضحى العديد من العلماء بلا حصر ، وفئات متنوعة بدرجة تفوق التوقع من المعدين والمصممين والمشرفين والمتعاونين والاخصائيين الفنيين في الانتاج بمختلف أنواعه من انتاج للتقنيات والمونتاج التلفزيونى والإذاعى وفنيو الاستديوهات المتخصصة بل الاذاعيين من المعلمين الذين دربوا على الاعمال الفنية ، كما ازدحم هذا المجال بالنظريات والادبيات التى فاقت مجال تكنولوجيا التعليم ، مما ادى مؤخراً الى استقلال مجال التعليم عن بعد بذاته وأصبحت له كينونته الهامة ذات الثقل العظيم علمياً وواقعياً على مستوى العالم.
ويمكن القول أن التعليم عن بعد اتاح لتكنولوجيا التعليم بعداً عظيماً ومكن لها من تجسيد الأبعاد الثلاث الهامة (النظرية ، التطبيق ، التطوير ) في المجال ووفر لعلماء التقنيات فرص عظيمة في إبراز مواهبهم وتحقيق إبداعاتهم .
وعلى الرغم من استقلال مجال العليم عن بعد بذاته لتمدده – كما ذكرنا أنفاً الى الدرجة التى أصبح فيها من المحال انضوائه في مجال آخر إلا أن العلاقة الوثيقة بينهما قائمة بشدة (أي بين هذا المجال ومجال تكنولوجيا التعليم ) وتكاد تكون العلاقة تبادلية وضرورية بدرجة ملحة ولا مناص منها فالتعليم عن بعد يتيح لتكنولوجيا التعليم من اختبار نظرياتها ومناهجها ونتاجها المتنوع وتقويمه وتطويره من خلال تطبيقه على الواقع ومن خلال الجامعات المفتوحة وغيرها التى تنحي منحنى التعليم عن بعد وفي ذات الوقت فأن تطور التعليم عن بعد يعتمد كثيراً  على تقدم تكنولوجيا التعليم بمختلف شعبها ، إذاً كلا المجالين يطور ويتطور بتطور الآخر ولا غنى لاحدهما عن الاخر. 
ومن هنا نجد كل الجامعات المفتوحة العريقة مثل (جامعة لندن ) تحرص على تأسيس معهد خاص بها للتقنيات يكون من ضمن مؤسساتها الرئيسية ومهمة هذا المعهد القيام بالابحاث العلمية ، والتصميم والإنتاج لكل تقنيات الجامعة وتطويرها باستمرار بناءً على نتائج الابحاث المقدمة  لبلوغ أقصى درجات الإتقان في الاتصال والتواصل ورفع كفاءة الأداء في هذه الجامعات وتحقيق الاهداف المنشودة بدقة.
أسباب النشأة :-
التعليم المفتوح كان استجابة ضرورية وهامة للازمات المتفاقمة في مجال التعليم التى عانت ولا تزال تعانى منها دول العالم كافة ، والدول النامية بصفة خاصة ، ويمكن حصر هذه المشاكل في الآتى :-
·   التدهور الاقتصادى وضعف الموارد المالية – خاصة في الدول النامية وقد أكدت الابحاث ان بعض الدول النامية تصرف على التعليم اكثر من ربع دخلها القومى دون جدوى (بسبب ارتفاع تكاليف التعليم التقليدي ).
·   الانفجار السكانى الهائل في دول العالم الثالث ، خاصة وان الزيادة الهامة في فئة الشباب ومن هم في سن التعليم                               .
·   التكلفة الباهظة للتعليم التقليدي المتمثل في إنشاء المدارس  والتأثيث وإعداد المناهج والكتب المدرسية ، واعداد وتدريب المعلمين والمتابعة  ... الخ  .
·   الانفجار العلمي والمعرفى والتطور المتسارع المذهل في جميع المجالات ولا سيما في مجال العلم والتعليم مما يستوجب بالضرورة تطويراً دؤوباً للمناهج والطرائق والأساليب وتدريباً متلاحقاً لكل العاملين في مجال التعليم بما يواكب حركة العصر المنطلق بسرعة مذهلة ، وكل ذلك بحاجة الى نفقات ضخمة جداً وهذه مشكلة حقيقية تواجه حتى الدول المتقدمة فضلاً عن الدول النامية  .
·        القصور في تدريب المعلمين كماً وكيفاً واكدت الابحاث انها في تقدم ونجاح.
خصائص التعليم عن بعد
ليس هنالك اتفاق شامل حول معنى التعليم عن بعد ، وذلك مردة لنظرة العلماء المختلفة له فمنهم من ينظر له من جهة الوسائل المستخدمة ، ومنهم من ينظر لنوعية الخريج ، ومنهم من ينظر للتكلفة المالية له وهكذا  . ولكن عرض بعض التعاريف قد يلقى الضوء على مفهومه وخصائصه.

رمبل وهارى Rummple Harry 1982م. (يريان أن اهم خصائص التعليم عن بعد أن المتعلم يكون في معظم الوقت بعيداً عن المعلم ) أما هولمبرج 1985م فيقول (يغطى التعليم عن بعد مختلف أنواع التعليم على كل المستويات وهو يمتاز بأنه ليس فيه إتصال دائم ومباشر بين المعلم والدارس في فصول دراسية ولكن هناك مؤسسة علمية تخطط وتشرف وتقود العملية التعليمية بالاشراف على الدارسين ).
مورMore 1983م يفصل بين عملية التدريس Teaching حيث يكون المعلم وهو محور العملية التعليمية وعملية التعليم Learning حيث يحتل المتعلم المكان الأول والتعليم عن بعد يؤكد ذاتية المتعلم وفرديته ولذلك يكون تركيزه على هذا الجانب والصلة بين المعلم والمتعلم لا تتم مباشرة بل بواسطة وسائل تعليمية سواء كانت مسموعة أو مرئية )وهذا الرأى ينقل وسائل وطرق التعليم من كونها وسائل معينة ومساعدة لتكون الأصل والعامل الرئيسي في العملية التعليمية .
أما كيجن 1986م فقد قام بصياغة مختلف الآراء حول مفهوم التعليم عن بعد في النقاط الستة التالية:
أولاً : الفصل بين المعلم والطالب :
          وهذه سمة رئيسية لجميع أشكال التعليم عن بعد بصرف النظر عن وسيلة التدريس المستعملة سواء كانت الكلمة المطبوعة ،الهاتف ، البث الإذاعى ، أو الحاسوب  . وتميز هذه السمة التعليم المفتوح من نظيره التقليدى الذىيقوم على المحاضرة الوجاهية والتفاعل بين المعلم والمتعلم في موقع مركزى ومع أن التعليم عن بعد (المفتوح) يتغلب على المسافات الجغرافية لكى يصل الى طلبة كان من الممكن ان يحرموا من الدراسة الفردية أساساً والتى يمكن للمتعلم أن يقوم بها خارج البنيات النظامية.
ثانياً :
تأثير المؤسسة التربوى في تخطيط وتحضير المواد التدريسية على وجه الخصوص وهذا عامل رئيسي من حيث أنه يحدد أيضاً عنصراً خاصاً من عناصر التعليم عن بعد اكثر تنظيماً من مجرد مشاهدة النشرة التربوية المذاعة بالتلفزيون أو الاذاعة بين وقت وآخر أو قراءة كتب تثير الاهتمام
(كما في حال الدراسة الفردية الخاصة ) وتميز العلاقة أو الاذاعة بين الطالب والمؤسسة التعليمية بين التعليم عن بعد والتعليم التقليدي حيث تقتصر العلاقة التعليمية الرئيسية للطالب على ما بينه وبين مدرسيه  . أما في التعليم عن بعد فإن الطالب يستعمل مواد تعليمية صممتها المؤسسة التعليمية ذاتها ويعمل ضمن إطار موضوع له ايضاً أضف الى ذلك ان المدرس الخاص المسؤول عن تقدم الطالب في دراسته  قد لا يشارك حتى في تصميم  المواد التعليمية للمادة المدروسة.
ثالثاً : المشاركة في أشكال التعليم المصنعة :
يشير الى هذا استعمال مبدأ تقسيم طوال عملية تصميم المواد المدروسة فكما ذكر سابقاً قد لا يساهم في تصميم المواد التعليمية للمادة المدروسة ذلك أن التعليم عن بعد يقوم على أساس تقسيم العمل في إنتاج المواد الدراسية بالجملة وفي تركيز إدارة الموارد المالية وفي المبادئ التنظيمية التى تقوم عليها نظم التعليم عن بعد وفي الاستعمال المتزايد للتكنولوجيا في تصميم المادة المدروسة وفي أتممة عملية التغذية الراجعة (كالتقييمات المعطاة بالحاسوب ) وفي فرق الاختصاصيين الذين يكلفون بتصميم أجزاء معينة من المادة المدروسة . وهناك مربون وأكاديميون يكتبون المادة التعليمية ومصممون تعليميون يطورون رزماً فعالة يمكن من خلالها نشر هذه الموارد ومدرسون مسئولون عن تقدم الطالب في الدراسة وفنيون في شتى المجالات يطورون نظم النقل والارسال ومجموعة كبيرة من المنظمين والإداريين وافراد الهيئة المساندة الذين يجعلون المؤسسة عاملة بأستمرار  .
ومع ان هذا يختلف إختلافاً كبيراً عن العلاقة  بين المعلم والطالب في التعليم التقليدي التىهى بين فرد وآخر إلا أنه يجب أن لا يفهم منه أن المتعلم من بعد يضل طريقه في هذا العدد الكبير من التعليم المصنع إذا تظل الفرص لبناء علاقة بين المدرس والطالب قائمة أثناء التقدم في المادة المدروسة  .
رابعاً :
توفير إتصال مزدوج الاتجاه يمكن الطالب من الاستفادة من محاورة المؤسسة /المدرس :
إن استعمال تكنولوجيا الاتصالات التى توفر رابطة مزدوجة الاتجاه بين المتعلم والمعلم عنصر اساسى آخر في التعليم عن بعد  . فمهما تكن الوسيطة المستخدمة – الهاتف أو المراسلة أو القمرالصناعى أو أي وسيلة أخرى – فإن إمكانية الاتصال تظل دوماً قائمة وهذا أمر حيوى للطالب حتى لا يشعر أنه معزول فيعانى من نقص الحفز (الدافعية ) للتعلم . إن الشعور بالعزلة مشكلة رئيسية يعانى منها المتعلم عن بعد ولذا فإن نوعية التفاعل بينه وبين المؤسسة مسألة مهمة.
ومع أنه لا لزوم للذهاب الى الحد الذى ذهبت إليه كلية مجتمع ميامى / ديد التى عرف عنها أنها تبعث لطلبتها رسائل تهنئة بعيد الميلاد (مستفيدة من نظام حاسوبها الأساسى ) إلا انه من الضرورى أن تكون العلاقة ودية بين المؤسسة والطالب دون الاخلال بالمعايير الاكاديمية. أن وجود قناة إتصال مزدوجة الاتجاه وفعالة بين الطالب والمؤسسة أمر هام أيضاً في التعليم عن بعد من حيث الوقت الذىيصرف على استلام عمل الطالب وتقييمه وإعادته إليه ، فوجود نظام إتصال بطئ وغير فعال سينقص من حافز المتعلم ويقلل من إلتزامه بإكمال البرنامج . ولذا فإن التركيز على هذا وتطويره وسائل إتصال محسنة يشكلان أولوية في التعليم عن بعد .
خامساً :
إستعمال الوسائط التقنية للتوحيد بين المعلم والطالب المحتوى التعليمي للبرنامج :
ثمة مجال آخر في التعليم عن بعد (المفتوح) حظى بقدر كبير من الاهتمام في السنوات الاخيرة وهو ميدان تنوع الوسائل المستعملة في تعليم المواد الدراسية وإن إستعمال تكنولوجيا التعليم في التعليم عن بعد يشكل نقلة واسعة عن التعليم التقليدي .ففى التعليم التقليدي تكون التكنولوجيا مجرد عنصر إضافى في عملية التعليم الوجاهى أما في التعليم عن بعد فإن طبيعة المادة الدراسية بكاملها تتحدد بالوسائط المستعملة وهذه الوسائط ليست ثانوية بل أنها تشكل قوام الكثير من المواد الدراسية ، وتؤثر الحاسوبات  والاتصال من الاقمار الصناعية والإتصال التليفونى والإذاعة السمعية / البصرية في طبيعة العملية التربوية ذاتها وتستعمل الحاسوبات في الجامعة التقليدية في تعليم مجموعة كاملة  من المواد الدراسية التى تغطى العلوم والأساسيات .كما يمكن استعمالها في نظام تحسين تقدير العلامات وتوفير إتصال مزدوج بين الطالب والمعلم.  
سادساً :
تعليم الطلبة بوصفهم أفراداًوليس بوصفهم جماعات :
إن العنصر الاخير من خصائص التعليم عن بعد هو تقريباًَ ترداد للعنصر الأول. وقد أسلفنا القول في إن الخاصية الاساسية للتعليم عن بعد هى الفصل المكانى بين المعلم والطالب ويعنى ذلك أن الطلبة يعلمون بوصفهم افراداً  لكن من بعد وليس في مواجهته. ومع ذلك فإن الجمع بين الطلبة والمعلمين ليس بأي حال من الاحوال ظاهرة غريبة  في التعليم عن بعد .
فالجامعة المفتوحة (في المملكة المتحدة ) تدير سلسلة من المدارس الصيفية وتعمل الكثير من مؤسسات التعليم عن بعد على جمع الطلبة معاً لأغراض تعليمية وتطبيقية إجتماعية  . وتعنى إمكانية الاجتماع السمعى / البصري لوصل الجماعات بعضها ببعض بأستعمال شبكات الهاتف والاقمار الصناعية. أن إمكان العمل الجماعى عن بعد هو في طريقه لأن يصبح بالتدرج حقيقة واقعة.
وجملة القول فان التعليم عن بعد بالرغم من الفوارق الطفيفة بين نظمه ، ينطوى في مراحله كلها على فكرة رئيسية عامة ، أما الخصائص التى يتصف فتتناول علاقة الطالب بالمؤسسة ، وطبيعة المؤسسة بذاتها ، وعملية إنتاج البرامج واستعمال الوسائط التقنية في التعليم  .
ويمكن أن يضيف الباحث أن طريقة الدراسة هى دراسة ذاتية تسعى لان تعطى للدارس الحرية في التدرج في الدراسة على حسب ظروفه العملية والاجتماعية فهو يدرس في المنزل أو مكان العمل وفي الوقت الذى يناسبه والمواد الدراسية نفسها تنظم في شكل اقسام ومجموعات تشجع على ذلك وهذا يتسم بكثير من المرونة والحرية بالنسبة للدارس  ويراعى الفروق المقرونة بالتعليم التقليدي الذى يستوجب حضوراً و يتيح التعليم للكثيرين الذين لا تسمح لهم ظروفهم المعيشية والاجتماعية بالتفرغ الكامل للدراسة ، ولعل هذا النمط من التعليم وبهذه الخاصية يكون مناسباً لتعليم الكبار والناضجين والذين إنخرطوا في الحياة  العملية فهو لهذا يستدعى مستوى من النضج وموقفاً ايجابياً ومسئولية من جانب المتعلم  . وهذا النمط الغالب الاعم. أما في التعليم عن بعد فإن الدراسة الذاتية تلقى معظم العبء على الدارس ولكن لا يعنى ذلك أن التفاعل بين المعلم والدارس ( وهو لاشك هام ومكمل للعملية التعليمية ) منعدم تماماً بل نراه في أشكال كثيرة  . فعلى سبيل المثال المادة الدراسية المكتوبة والتى تمثل محور التعليم والتى ترسل للدارس تصاغ بطريقة معينة تتناسب مع الدراسة الذاتية وقد سماها هولمبرغ )1977م المحادثة  التعليمية الموجهة Guided diactic conversation  فهى تخاطب المتعلم مخاطبة ذاتية تشعره بشخصيته وهى بالتالى أقرب ما تكون الى المحادثة من جانبين وتشمل الكثير من الرسومات البيانية والتنظيمية والتمارين والحالات الدراسية وتكون في صفتها أقرب الى المناقشة وتبادل الآراء منها الى المذاكرة الدراسية . ودور المعلم تغير تغييراً كاملاً عن دوره في النمط التعليمي المعروف فنجد أن المعلم كان يقوم بكل عمليات التعليم حيث يعد المادة الدراسية ويلقى المحاضرة ثم يقيم نتيجة عمله فإن هذا العمل من التعليم عن بعد يمكن أن يقسم في شكل ثلاثة اعباء ومهام يقوم بها أناس مختلفون.
1-       تخطيط البرنامج وتحديد الأهداف الدراسية وتنظيم عمليات إرسال المواد الى الدارسين اي معظم عملية إدارة التعليم تقوم بها المؤسسة التعليمية المنظمة للبرنامج.
2-       عملية كتابة وتحضير المواد الدراسية يقوم بها متخصصون اكاديميون وغيرهم من متخصصين في تكنولوجيا التعليم ومتخصصون فنيون وربما مخرجو إذاعة وتلفزيون ومعدو وسائل تعليمية وغيرهم ، هؤلاء بالضرورة لا علاقة لهم ولا احتكاك لهم بالطالب وربما يكونون تابعين للمؤسسة التعليمية أو متعاونين من الخارج كما هو الحال في كثير من المعاهد والجامعات التعليمية التى تتبع هذا النهج التعليمي.
3-       المشرفون على الطلاب هم أكاديميون متخصصون تستعين بهم المؤسسة للإشراف على الدارسين كل متخصص له مجموعة من الطلاب يشرف على تقدمهم العلمى ، يصحح تدريباتهم التى يقومون بإعدادها من وقت لآخر ويقدم التعليقات والتوجيه المناسب الذى يقوم المتعلم ويشجعه هؤلاء المشرفون يعملون كمتعاونين مع المؤسسة التعليمية وليست لهم علاقة بالتخطيط والتنظيم وإعداد المواد الدراسية.
مجالات التعليم عن بعد
على الرغم من ان التعليم عن بعد بدأ حديثاً مقارنة بالتعليم التقليدي والذى بدأ منذ زمن طويل إلا أننا نجد أن التعليم عن بعد اصبح بصورة كبيرة وفي معظم الدول بل أنه استخدم في عدة مجالات حيوية وذات اثر مباشر على الحياة بما لها من أهمية  كبيرة وفي هذا الجزء من البحث سوف نستعرض بعض هذه المجالات التى استخدم فيها التعليم عن بعد.
1/التنمية الريفية :-
والتعليم عن بعد في مجال التنمية الريفية بدأ في الستينات من القرن العشرين خاصة بعد إستقلال الدول النامية حيث كانت الأمية عالية ومستوى العيشة منخفض وفي مؤتمر الدول النامية سنة 1965م الذى عقد في طهران نوقش موضوع التنمية الريفية زيادة الانتاج ، الاهتمام بالصحة ، والتغذية ، محو الامية  وتنمية المهارات المختلفة وافتراض استعمال التعليم عن بعد لحل هذه المشكلات وكما ناقش إستعمال أساليب مختلفة أهمها الراديو والتلفزيون لنشر الوعى ، أندية الاستماع والمشاهدة ، وانشاء الريدوفورم الذى  بدأ في كندا إذا كان المزارعين يجتمعوا ويستمعوا الى برامج موجهة ومن ثم يتناقشوا فيها وكان لها دور في تحسين الإنتاج الزراعى والحيوانى والصحة العامة.
          كما ازدهر الريديوفورم في الهند في نهاية الخمسينات وفي معظم اسيا وإفريقيا في الستينات من القرن العشرين ويعرض الريديوفورم أنماط جديدة من الزراعة والمهنيات والصحة العامة والبيئة .كما انتشرت هذه التجربة في السودان ،زامبيا ، غانا ،ملاوى وافريقيا الفرنسية  Teleclub man and TV.club  في السنغال بصفة خاصة . والغاية من مشاهدة هذه البرامج هو التغيير الاجتماعى وإضافة معلومات جديدة كتثقيف عام وإثارة قضايا للنقاش عن طريق شخص يحرك النقاش ويسمى المنتر Monter  .
ومن الدول التى اهتمت بهذه الاساليب واستفادت منها امريكا الجنوبية في محو الامية بمساعدة الكنيسة والدولة وكان ذلك في الخمسينات والستينات من القرن الماضى. ولقد كان للريديوفورم والتلفزيون تأثير قوى ، ففى افريقيا كان المشاهدين أميين وكبار السن لذا كان الاهتمام بالجوانب التى تغطى محو الأمية والتعليم الاساسى . وكما إهتم بمجال الزراعة والمهارات وتخطيط الاسرة والنواحى الصحية والمعرفة الدينية ، ولقد كانت هنالك أماكن للاجتماع كالمدارس ، والكنائس ، ومنازل خاصة : Open space
وهذا المجال من التعليم عن بعد كان يحتم وجود مشرف أومنسق مهمته فتح الراديو والتلفزيون وتوجيه الناس لنوع البرنامج الذى سيقدم ، وإثارة النقاش وتعدد الوسائط بجانب الراديو كالملصقات ، الصور  والصحف . وتتباين هذه التجربة من منطقة الى أخرى ، ولكن هذه المشروعات ادت الى كثير من النجاحات كان أهمها في محو الامية وكثير من الدول جعلتها حملات قومية لمحو الامية واستفادت منها سياسياً في الأزمات العابرة كما فعل نايريرى في تنزانيا . ( وفي باكستان تخرجت مجموعات كبيرة من مراكز محو الامية بهذا الاسلوب وكانت هناك حملات إذاعية وقومية لتحريك المجتمع لتجاوز التأخر وكما شوهدت هذه الحملات في طرابلس وزامبيا (1975 ،1970 ،1973) ولقد حرك الحزب الحاكم المجتمع بالملايين لمحو الامية وتغيير الحياة العامة والحملات تعد نمط من أنماط التعليم عن بعد في ذلك الزمن ).
وكما أن هناك حملات ركزت كثيراً على التعليم الفنى والمهنى  ومحو الأمية منها الباكستان (1980 ،1982 ،1985).
(وفي مصر قامت ايضا حملات لتحديد النسل واستمرت هذه الحملات لمدة اربعة سنوات وقيمت عن طريق اسئلة موجه للنساء )
2/ التعليم العام :-
          قليل من المحاولات تمت في التعليم الابتدائى والسبب صعوبة التعليم عن بعد للأطفال . وإن كان بعض الدول الواسعة  مثل كندا واستراليا عملت بعض المحاولات للمناطق النائية .
ولكن كان تركيز التعليم عن بعد في المرحلة الثانوية وسبب هذا التركيز نضج تلاميذ المرحلة الثانوية مما يمكنهم من التعامل مع التعليم عن بعد بسهولة  واستيعابه.
كما ان التعليم الثانوى تعرض للإهمال من قبل المجتمع والقائمين على أمر التعليم وذلك للتركيز على محو الأمية وتعليم الأساس .لذا نشأت فائدة من التعليم عن بعد في هذه المرحلة ومن الدول التى استخدمته زامبيا ، المكسيك ، ملاوى ، كوريا ، البرازيل ، السودان.
وكانت الحملات مفتوحة للطلاب وكبار السن للاستفادة من التعليم بالمراسلة (عن بعد) واعتمد اساساً على المادة المكتوبة ولقد جرى التفكير في هل من الممكن ان تحل التكنولوجيا محل المعلم وكانت هذه المسألة في الستينات من القرن الماضى . واستعين بالتلفزيون والراديو لتدعيم وتحسين العملية التعليمية وليس بديلاً للمعلم. ولإستخدام هذا النوع من التعليم عن بعد أنماط مثل الإستفادة من المدارس القائمة وعمل دورات بها وإتاحة التعليم لكل الشرائح التى تساقطت من مواصلة التعليم ومن الاسباب ايضاً تحسين نوعية التعليم. وتمت هذه الطريقة في دراسات مثل جمهورية نيكاراغوا وموريشص التى بها college of air والسلفادور وكان الاهتمام بتحسين اللغات والرياضيات وبعض المواد العلمية وانتشرت ظاهرة التلفزيون التعليمي في ذلك الزمان ، كذلك كانت هنالك خلطة للوسائل مثل المادة المكتوبة المساعدة والملصقات وهى تجربة للتعليم عن بعد. وكذلك بدأت التجربة في السّودان باستعمال التلفزيون في عام 1963م بعد دخوله عام 1962م وكان يقدم برامج في العلوم اللغة الإنجليزية.
3/ تدريب المعلمين :-
لقد ثبت أن التدريب الفعال للمعلمين هو السبيل الامثل لتحقيق التطور المنشود في التعليم لذلك نال اهتمام كل الدول. وقد سعت معظم دول العالم ليصل الى المهنة وهو اكثر قدرة على القيام بالدور المنوط به فزادت سنوات الدراسة كمتطلبات قبل الانخراط في معاهد التعليم وزادت مدة تدريب المعلمين الى ثلاث سنوات بدلاً عن سنتين في عام 1960م ثم زيدت في وقت وجيز الى اربع سنوات ليتخرج المعلم بدرجة البكلاريوس .وفى معظم الدول المتقدمة أصبحت الدرجة الجامعية شرطاً للإلتحاق بمهنة التعليم وفي بعض تلك الدول كالولايات المتحدة الأمريكية أصبحت درجة الماجستير أمراً عادياً بين العاملين في حقل التعليم ).
أما في الدول النامية ففى حين أن التعليم الثانوى يستوجب موهلاً جامعياً إلا أن دون ذلك يعتمد على التأهيل من معاهد المعلمين والتى تتطلب تأهيلاً اساسياً أو ثانوياً في الاكثر  . وقد سعت كثير من هذه الدول لتحسين مستوى معلميها وزادت متطلبات الالتحاق بالمعاهد ففى فوجى على سبيل المثال أصبح الدخول الى معاهد المعلمين مساوياً لشروط الدخول للجامعات وفي سبيل تحقيق التطور الكمى والكيفي في التعليم تسارعت عملية إنشاء معاهد المعلمين فيها . الا ان الأمر لم يكن بهذه السهولة بالنسبة للدول النامية فحركة إنشاء  المدارس  وتسع التعليم لم تكن لتواكب تزايد السكان وبالتالى زيادة المعلمين لم تكن بالقدر الكافى (ففى الهند على سبيل المثال نجد أن (50%) من المعلمين في المدارس الابتدائية غير مدربين  وكذلك (90%) من معلمى المدارس الثانوية وهذا الوضع يكاد ينطبق على معظم دول إفريقيا واسيا وامريكا الجنوبية ودول البحر الكاريبي ) يبدأ التساؤل عن إمكانية معاهد تأهيل المعلمين في توفير العدد الكافى من المعلمين . وفوق ذلك فإن تأسيس تلك المعاهد امر مكلف فتكليف المبانى والسكن الإقامة بالنسبة للمتدريبن وتأسيس تلك المعاهد بالوسائل المناسبة وكذلك تأهيل المدربين العاملين بها مما قد يستوجب احياناً ارسالهم في بعثات خارجية لمدة عامين او ثلاثة ، كل ذلك بالطبع يكلف اموالاً طائلة   .
وفي مواجهة هذا الوضع إضطرت كثير من دول العالم الثالث ونسبة لعجز معاهد تدريب المعلمين على توفير المعلمين المدربين بالقدر الكافى مما يتناسب مع زيادة المدارس والتوسع المطلوب في التعليم الى إستيعاب المعلمين دون تدريب أساسى ممل جعل القضية اكثر تفاقماً  .
وفي مواجهة مشاكل التعلم الكمية والنوعية سعت كل دول العالم الى النظر في إمكانية إيجاد أساليب وطرق عديدة تمكن من الاستغلال الأمثل للموارد وتحقيق أحسن النتائج في نفس الوقت كماً وكيفاً ولعل دول العالم وخاصة الدول النامية قد وجدت في التدريب أثناء الخدمة مخرجاً لمشكلة تدريب المعلمين حيث أنه لا يستوجب مغادرة المعلم لمدرسته وبالتالى الاحتياج الى بديل هو أقل تدريباً من هذا الذى جاء ليحل محله كما وأن التدريب اثناء الخدمة يستطيع أن يوفر اعداد كبيرة من المعلمين في وقت وجيز.
وظهرت فكرة تدريب المعلمين اثناء الخدمة كرد فعل لعجز معاهد تدريب المعلمين عن توفير العدد الكافى من المعلمين لمواكبة الزيادة المضطردةفي المدارس وزيادة الطلاب.كما أن التدريب اثناء الخدمة ازدهر مع المفاهيم الجديدة والتى دعت الى استمرارية التعليم والتدريب على طول فترة العمل لزيادة التأهيل ومواكبة المستجدات وقد دعا الاسلام من قبل الى ذلك (تعلم العلم من المهد الى اللحد ) ولكن الفكرة في العصر الحديث ازدهرت في بداية السبعينات حيث ظهرت مفاهيم التعليم على طول الحياة او التعليم المستمر Continuing and Lifiling Education (والتى تبلورت في تغير اليونسكو بقيادة العالم فير Faire والذى ظهر في عام 1972م ).
وقد ساعد التدريب اثناء الخدمة بعد ذلك في الاهتمام بالانشطة داخل الفصل وفكرة المشروعات وادخال اساليب جديدة في التعليم.
وقد كانت بداية ظهور اشكال التدريب اثناء الخدمة امراً طوعياً في شكل كورسات قصيرة تعقد في ازمان متفرقة ويشترك فيها المعلمون الاكثر التزاماً بمهنة التعليم والاكثر طموحاً كما ساهمت منظمات واتحادات المعلمين في تبنى بعض اشكال التدريب اثناء الخدمة وكذلك مراكز واندية التعليم والمعلمين.   
ولكن هناك اشكال كانت اكثر ممارسة وتبنتها الوزارات والادارات المرتبطة بالتعليم واخذت شكلاً رسمياً . وهى ثلاثة اشكال:-
1-       الكورسات القصيرة أو مايسمى بالسندوتش كورس Sandwich Course ومن الأمثلة ما وجد في البرازيل وزامبيا.
2-                الفصول المسائية وهذه انتشرت في بلاد كثيرة منها على سبيل المثال غينيا والسّودان .
3-                التدريب الذى اعتمد نظام التعليم عن بعد.
وهذا الاخير هو اكثر فعالية وانتشاراً اذ لا تخلو دولة من ممارسته ولقد تعدت اشكاله ،والذى سبق ان تحدثنا عن مفهومه واساليبه وتقنياته.
وكما زكرنا فان مجال تدريب المعلمين هو من اكثر مجالات استعمال التعليم عن بعد ذلك للخصائص والمميزات التى يتسم بها ويمكن عرضها مع مراعاة المقارنة بين التدريب عن بعد والتدريب التقليدي الذى يتم في معاهد تدريب المعلمين:-
1-       ان ارسال المعلمين للتدريب في معاهد المعلمين يتطلب ابعادهم من المدارس وايجاد البديل لهم وهؤلاء بالطبع يكونون غير مدربين. اما في التدريب عن بعد فان المعلم يبقى في مدرسته والبديل غير مطلوب اذ انه يقوم بأعبائه كاملة  .
2-       التدريب في معاهد المعلمين يتطلب تدريب معلمى تلك المعاهد والكليات، اما التدريب للتعليم عن بعد فانه يعتمد على اخرين  في اعداد المواد الدراسية كاساتذة الجامعات والكليات  . كما يستخدم كل المتخصصين فالاشراف على الدارسين وهو يحقق دخلاً اضافياً وعملاً مفيداً لهؤلاء المشرفين الذين يتم ترشيحهم من قدام المعلمين.
3-       يعتمد التدريب بالتعليم عن بعد على البنيات الاساسية  من مبانى ومدارس وقاعات ومقدرات وقوة عاملة لذلك امتاز عن التدريب التقليدي بقلة التكلفة  . (فقد وجد LYLE ) في دراسة له عام 1966م ان التدريب عن بعد يكلف (341) دولار ومعاهد المعلمين تكلف (820) دولار وفي دراسة اخرى وجد كاوندا عام 1973م ان التدريب بالتعليم عن بعد يكلف نصف تكلفة كليات المعلمين في زامبيا وفي دراسته حول المنحى متعدد الوسائط في السودان وجد انه يكلف حوالى ربع تكلفة معاهد اعداد المعلمين ).
4-       تكلفة اعداد المعلمين باهظة جداً خاصة اذا اضيف اليها السكن واقامة الدارسين واعداد المدربين ومع ذلك فان الخريج الاول يحتاج الى ثلاثة او اربعة سنوات قبل ان يتخرج وهذا يستقرق زمناً طويلاً ولا يتناسب مع الحاجة العاجلة للمعلمين .
5-       وبالمقابل فالتدريب بالتعليم عن بعد لا يحتاج الى مبانى ويستعمل  أقل عدد من الاساتذة الدائمين وان عدداً كثيراً من الدارسين يمكن استيعابهم في البرامج التدريبية وهذا يوفر وضعاً اكثر ديمقراطية  . اضف الى ذلك ان التدريب بالتعليم عن بعد يصل الى المعلمين في المدن والارياف واينما وجدوا.
6-       في حين ان التدريب بالتعليم عن بعد يصل الى المعلمين اينما وجدو فان التدريب التقليدي يستوجب نقل المعلمين من الارياف الى المدن وكثيراً ما لا يعود هؤلاء الى مناطقهم (ففي دراسة تمت في عام 1980م في الاتحاد السوفيتى (سابقاً ) وجد ان 38% من المعلمين لا يعودون الى مواقع عملهم بعد اكتما تدريبهم ).
7-       حالة وجود مواد تدريبية تبث من خلال اجهزة الاعلام الجماهيرى الراديو والتلفزيون والتى يصل ارسالها الى كل البلاد فان ذلك يحقق فوائد لكل التعليم والمجتمع عامة . وقد زكر كيواسا وكاوند ( ان برامج تدريب المعلمين الذى يستفيد منها حوالى 8000معلم تنعكس فائدنها على اكثر من نصف مليون شخص في كينيا  . وقد قرر موس ان 46% من اساتذة الجامعات البريطانية يستعملون مواد الجامعة المفتوحة في دروسهم ).
8-       اوضحت الدراسات التى تعالج وجهة نظر الدارسين من المعلمين انهم يفضلون ان يتأهلوا  دون مغادرة مناطقهم خاصة المتزوجون منهم .كما وجد ان التدريب عن بعد يحقق الحرية في الدراسة في تطور عاداتهم الدراسية ويمكنه من برمجة دراستهم في الوقت المتاح لذلك. واخيراً لوحظ ان البقاء في نفس مناطق العمل لا يحرم بعض المعلمين من اعمال كالزراعة وخلافه وهذا يسهم في زيادة دخلهم واستقرارهم.
أنواع التدريب بالتعليم عن بعد :-
ان اشكال وانواع التعليم عن بعد في تدريب المعلمين قد تعددت كما ان الاهداف التى تخدمها قد تنوعت ايضاً مما نتج عنه ممارسات وتجارب عديدة نستعرضها في هذا الجانب ، فالاهداف التى حققها التعليم عن بعد في تدريب المعلمين هى :-
1-       التاهيل الاكاديمي : تناولت بعض الممارسات تأهيل المعلمين غير المؤهلين اكاديمياً ، كما هو الحال في حالة تأهيل معلمى المدارس المتوسطة في كينيا الى مستوى المدارس الثانوية ونفس الشئ في ملاوى منذ عام 1965م.
2-       عندما يكون المعلمون مؤهلون اكاديمياً يستعمل التعليم عن بعد للتأهيل الفنى والتدريب على طرق التدريس .ونجد هذا النوع في العديد من الجامعات الاسترالية حيث تتيح للمعلمين  التأهيل المهنى من خلال كورسات تستعمل اساليب التعليم عن بعد ومن التجارب المشهورة كذلك في هذا المجال جامعة الهند العربية التى فتحت المجال لكورسات تأهيلية للمعلمين في العديد من جزر البحر الكاريبي.ولعل التعليم عن بعد هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق التدريب نسبة لتباين تلك الجذر وصغرها وعدم مقدرة العديد من المعاهد الوفاء بهذا الغرض.
3-       النوع الثالث هو الذى يجمع بين التأهيل الاكاديمى والفنى. اي تحقيق التعليم الاكاديمي الاساسى واكساب المعلمين مهارات في التدريس .كما هو الشأن في معاهد التأهيل التربوي في السّودان وكذلك في بتسوانا حيث تم تدريب وتأهيل اكثر من 80% من المعلمين عن طريق التعليم عن بعد .النوع الرابع يشمل برامج تشتمل التأهيل الاكاديمي لمواد بعينها كالرياضيات الحديثة والعلوم واللغات وخلافه .وقد اسهم هذا النوع من التأهيل الاكاديمي لمواد جديدة كالرياضيات الحديثة في مريشص وتدريس العلوم في مدارس الاساس في شيلي. 
     4/ التعليم الجامعى :-
ان استخدام التعليم عن بعد في مجال التعليم الجامعى من اوضح ما يكون ولقد ادى ها الاستخدام الى نتائج طيبة تدعم اهمية التعليم عن بعد كواحدة من تقنيات التعليم التى ساعدت كثيراً في حل إشكالية ديمقراطية التعليم خاصة الجامعى منه. ونجد اهتماماً كبيراً  بالتعليم عن بعد بصورة او اخرى ولقد قسم البشرى العالم الهندى الاصل الجامعات في هذا المجال الى مجموعات كما يلى :-
1/ جامعات تتيح مجالاً للامتحان فقط للطلاب وتعطى شهادات بعد ان يدرس  في اي مكان كما في لندن.
2/ جامعات تقوم  بالتعليم  عن بعد من خلال وحدة من وحداته على سبيل المثال جامعة ديدنق في بريطانيا تقدم تعليم مفتوح في الادارة فقط ، وجامعة فيرى في التربية .
3/ كلية او جامعة  تقبل طلاب نظامين وآخرين للتعليم عن بعد وتقدم لهم بعض المساعدات ويكون واحد لكلاهم ( نظامييم وغير نظاميين ).
4/ جامعات تعطى التعليم عن بعد استقلالية عن التعليم النظامى وتقدم لهم مساعدات ويكون النمط الدراسى والامتحان منفصلين وهذا كما في جامعة whds man  استراليا.
5/جامعات تتعاون مع بعضها البعض في تقديم خدمات التعليم عن بعد:فالجامعة تقدم خدمات لطلابها وطلاب الجامعات الأخرى وبهذا يستفيد الطلاب من تكنولوجيا التعليم في جامعات متعددة ولكن الطالب يسجل فى جامعة معينة ويحصل على الشهادة منها وهذا موجود في شكل التعاون القايم بين الجامعات النيوزيلندية وكذلك الامريكية.
وسائل التعليم عن بعد
خلفية عامة:
          العامل الأساسى الذى يميز التعليم عن بعد من غيره هو أنه ينقل المعرفة الى الطالب بدلاً من جلب الطالب الى مصدر التعليم وقد تم تطوير اصناف متنوعة من التقنيات وتعديلها لجعل عملية النقل والاتصال اكثر فعالية واعظم فعالية مما كانت عليه في السابق.
ولا تؤثر هذه التقنيات في الكيفية التى يمكن بها تسهيل التعليم فحسب، وانما اثرت أيضاً فيما يمكن تعلمه من خلال التعليم عن بعد وتبين الأمثلة التاليةكيف تستطيع مؤسسات التعليم عن بعد أن توائم بين تقنيات الاتصال وبين حاجاتها التعليمية وظروف بنيتها التحتية.
ويقرر بيتس أنه (لا توجد هناك الوسيطة التعليمية التى تتفوق على غيرها فكل وسيطة تستطيع ان تؤدى عدداً من الوظائف المختلفة وعليه فان الوسائط لا تختلف كثيراً فيما بينها من حيث ملاءمتها مع المهارات التعليمية المختلفة أو المداخل التعليمية المتباينة... فكل وسيطة تثرى العملية التربوية أو تضيف اليها شيئاً جديداً ). ولذا فان اختيار الوسيطة انما يتأثر بالأهداف التعليمية المختلفة للمؤسسة المعنية وتجلب كل تقنية اتصال كلفه بعينها على مستعملها، وتتطلب بعض المتطلبات فى البنية التحتية وهذه عوامل مهمة يجب ان تؤخذ فى الاعتبار عن اتخاذ القرارات المتعلقة باختيارالوسيطة او الوسائط.
وقد تكون الوسيطة المختارة مثلا هى المادة المطبوعة وهى اقل التقنيات كلفة واكثرها الفة للمعلم والمتعلم ومن الملاحظ أن تصميم المادة المطبوعة وانتاجها آخذين في التحسن بشكل مضطرد، وتقوم ارخص حلقة اتصال في التعليم عن بعد وهى نظام البريد اساسا على الكلمة المطبوعة ويتمثل قصورها على اية حال في كونها لا تفاعلية بمعنى أنها لا تتيح التفاعل بين الطالب والمعلم فحلقة الاتصال المباشر بين الطالب والمعلم مفقودة فيها. وبالاضافة الى ذلك فإن سرعة نقل المادة المطبوعة تعتمد على كفاءة نظام البريد وهذه هى بعض المشكلات التى ترتبط باستعمال الوسائط القائمة على المادة المطبوعة. ويستحسن في هذا المنحى تقديم مخطط لتقنيات الاتصال القديمة والجديدة وفي الشكل التالى صورة مخططة لنظم تقنيات الاتصال المختلفة  من دون توسع في ذلك .









الراديو   
 
مخطط لوسائل التعليم عن بعد نقلاً عن بيتس
Bates, A.W. the role of technology   in Distance Education, crom Holm .1984

 







































المراجع
أولاً: المراجع العربية:

1.     حسن حمدي الطوبجي(1987) وسائل الاتصال والتكنولوجيا في التعليم, دار القلم – الكويت ط8 .
2.     عبدالعظيم عبدالسلام الفرجابي (1997) التربية التكنولوجية تكنولوجيا التربية, دار غريب للطباعة القاهرة ط1.
3.     عبدالحافظ محمد سلامة(1998) وسائل الاتصال والتكنولوجيا في التعليم , دار الفكر- عمان ط2.
4.     محمد محمود الحيلة (2000) تكنولوجيا التعليم بين النظرية والتطبيق دار المسيرة – عمان ط2.
5.     مختار عثمان الصديق (2001) مذكرة عن دور التعليم المفتوح في التاهيل والتدريب الاداري _ جامعة القرآن الكريم والعلوم الاسلامية.
6.     مختار عثمان الصديق (2001) مذكرة عن التعليم عن بعد في الدول النامية_ جامعة القرآن الكريم والعلوم الاسلامية.
7.     مختار عثمان الصديق (2001) ورقة بحثية بعنوان تدريب المعلمين عن طريق التعليم المفتوح _ جامعة القرآن الكريم والعلوم الاسلامية.
8.     وليد القمحاوى وآخرون (1986) مدخل الى نظم التعليم المفتوح في التعليم العالي – جامعة القدس, جمعية عمال المطابع التعاونية.



























ثانياً: المراجع الاجنبية:

1.     Rumble G. And Harry, K. (1982)The distance teaching universities crom Helm .London.
2.     Holm berg, B. (1985)status and trends of distance education . Iund. lekter publishing.
3.     More .M.On a theory of Independent study. In sewort, Keegan 8 Hoim berog (ets) Distance Education International perspective.
4.     Keegan. D. (1986) foundation of distance education, crom Helm .London.
5.     Mace.J.Methology of the making , Is the Open University effective, higher education .7.P.265.
6.     Rumbles .G. The Open university of the united king dom .paper no.6.
7.     Bates, A.W.(1984) the role of technology in distance education. crom Helm .London.





 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق