نحو مبادئ نظرية اتصالية إسلامية:
دراسة تأصيلية اتصالية في تشكيل هوية الأمة
الإسلامية
إعداد: عمر الشيخ هجو
باحث في علوم الاتصال و التربية و اللغات
جامعة السودان المفتوحة
المقدمة
هذا
هو عصر المعلوماتية, وبناء مجتمع المعلومات, حيث التشارك في المعارف أصبح ممكناً,
وعلى نطاق أوسع, خاصة من خلال شبكة الإنترنت, التي تشكّل الوعاء الأكبر للمعارف.
فإنّ الدول المتقدمة مازالت تسيطرعلى المعرفة, نظراً لإتقانها أساليب الاتصال. وفي
عالم يزداد انفتاحاً, خاصة فيما يتعلّق بالمعلومات, تستطيع البلدان النامية اقتناء
وسائط الاتصال وتجديدها, إذا أحسنت إدارة مواردها البشرية, ونمّت لديها الإمكانات
للبحث عن المعلومة.
وتشكل
وسائط الاتصال الأداة الأهم في تداول المعلومات, وتوليد المعارف, فهي التي تستخدم
في التربية والتعليم و الدعوة, وهي التي تسمح بالتفاعل مع المواطنين وتسمح بتوسيع
نطاق المعارف فيما بينهم, وهي قابلة للتطوّر, واستيعاب الجديد والمبتكر في العلوم
والتقانة. لكن التسارع الذي نشهده في العالم بسبب العولمة, وتكنولوجيا المعلومات
والاتصالات, والتحوّل نحو مجتمع المعرفة, يستدعي تنشيط تطوير وسائط الاتصال,
وتسريع وتيرة البحث, والتطوير في غاياتها و مفاهيمها, لمواكبة المتغيرات, والحاجة
إلى ابتكار المصطلحات.
وقد
أطلقت تسمية مجتمع المعلومات على هذا المجتمع المتقدّم, الذي تقود فيه تكنولوجيا
المعلومات والاتصالات, الاستخدام والإنتاج المتسارع, لخدمات ومنتجات جديدة, مبنيّة
على المعرفة, والإبداع, تغطي طيفاً واسعاً, من الأنشطة جميعها وخاصة الاتصالية
الموجهة.
ومن
جهة أخرى فإن استخدام وسائط الاتصال على الإنترنت, وهي الوعاء الأكبر للمعرفة
المتوافرة اليوم, يتطلب أدوات معلوماتية أساسية, تعتمد على حوسبة وسائط الاتصال,
وتحليلها بشكل عملي دقيق, وأهم هذه الأدوات هي محركات البحث والمعاجم. ومايتوافر
حالياً لا يلبي الاحتياجات. فنحن بحاجة
إلى بحوث معمّقة في كيفية تقديم ملامح نظرية اتصالية إسلامية.
وفي
جميع هذه الأعمال لابد للمنظّرين, والباحثين, من أخذ احتياجات المستخدمين بعين
الاعتبار, للوصول إلى نتائج عمليّة, ومفيدة لعامة الناس, لأنهم هم الهدف في بناء
مجتمع الاتصال المستقبلي الذي نستطيع أن نطلق عليه الأمة الإسلامية ذات الهوية
الرسالية المتميزة, لذلك لابد من وضع وعاء الاتصال الأكبر في متناولهم, ومن خلاله
تزيد معرفتهم بوسائط الاتصال, ليؤدوا دورهم في توليد الاتصال بلغتهم الأم.
مشكلة البحث
لوسائط الإتصال مكانة عظيمة ومنـزلة
رفيعة، فهي وعاء الثقافة، ورمز الهوية، وعنوان تقدم الأمة، وازدهارها حضارياً، وثقافياً، وفكرياً؛ من هنا
وجب الحفاظ عليها وحمايتها، والعمل على انتشارها؛ كما أنها تحقق للفرد وظائف عدة: اجتماعية، ونفسية، وتربوية، فهي وسيلته في التفاعل والتعامل، والتوازن النفسي، والتكيف الاجتماعي، كما أنها نافذته التي يطل منها على الماضي بأصالته والحاضر بتجديداته،
وحيث ذلك فلابد أن يسيطر عليها ويتمكن منها، ويمتلك مهاراتها فالسيطرة
على وسائط الاتصال، والتمكن من مهاراتها
من أسس الاستعمال الدعوي الناجح.
مشكلة الاتصال الأسلامي المعاصر ليست في المادة بقدر ماهي في الوسيلة، فالمسلمون اليوم يشكون مر الشكوى من فقرهم في وسائل الاتصال المتطورة، ولو تحقق لهم ذلك، لكان الإسلام بطبيعته قادراً على أن يزيح من طريقه كل مفاهيم الحضارة المادية التي انطلقت دون أية ضوابط أو قيود . من هنا، لابد من الحرص على استكمال هذه الوسائل وتهيئتها ليمارس الدعاة المسلمون من خلالها إيصال دعوتهم إلى الناس كافة، وهذه المسئولية تقع على الجهات الرسمية والشعبية؛ لأن الاتصال المعاصر لا ينهض بجهود أفراد، وإنما من خلال مؤسسات وشركات ودول وحكومات؛ بل إننا نلاحظ أن كثيراً من الدول تجعل إتصالها متقيداً ومنطلقاً من مفاهيم أنظمتها، فحري بنا- كمسلمين – ألا يكون إتصالنا صورة مكررة مما يردده الاتصال الغربي والشرقي على حدٍ سواء، لابد أن يكون إتصالاً إسلامياً متميزاً .
مشكلة الاتصال الأسلامي المعاصر ليست في المادة بقدر ماهي في الوسيلة، فالمسلمون اليوم يشكون مر الشكوى من فقرهم في وسائل الاتصال المتطورة، ولو تحقق لهم ذلك، لكان الإسلام بطبيعته قادراً على أن يزيح من طريقه كل مفاهيم الحضارة المادية التي انطلقت دون أية ضوابط أو قيود . من هنا، لابد من الحرص على استكمال هذه الوسائل وتهيئتها ليمارس الدعاة المسلمون من خلالها إيصال دعوتهم إلى الناس كافة، وهذه المسئولية تقع على الجهات الرسمية والشعبية؛ لأن الاتصال المعاصر لا ينهض بجهود أفراد، وإنما من خلال مؤسسات وشركات ودول وحكومات؛ بل إننا نلاحظ أن كثيراً من الدول تجعل إتصالها متقيداً ومنطلقاً من مفاهيم أنظمتها، فحري بنا- كمسلمين – ألا يكون إتصالنا صورة مكررة مما يردده الاتصال الغربي والشرقي على حدٍ سواء، لابد أن يكون إتصالاً إسلامياً متميزاً .
إن العالم الإسلامي
اليوم ملئ بالقدرات والكفاءات، ولديه الإمكانيات المالية الهائلة، فإذا خلصت
النوايا، وصحت العزائم، أمكننا إيجاد إتصال إسلامي فعال قادر على الوصول إلى جميع
البلاد. وإن الهجمة الشرسة على الإسلام كدين وعلى المسلمين كأمة، وعلى العربية
كلغة، أصبحت واضحة في الاتصال المسموع والمقروء والمشاهد، ومن أجل التصدي لذلك؛
لابد من مواجهتها بالحجة والبرهان، وتفنيد مزاعمها ودعواها بكل وسائل التوضيح
والبيان، وطرق النقد والحوار، لكشف حقيقة حَمَلَة
هذه الأفكار ومنطلقاتهم وأصولهم الفكرية والعقدية، وتعرية من يقف وراءهم من
المستشرقين و المستغربين والعملاء المأجورين المرتبطين بالصهيونية والصليبية
والشيوعية والماسونية وغيرها. كما أن الواجب يقتضي من الكتَاب جميعاً إبراز وجه
الإسلام المشرق، وعرض التراث الإسلامي من مصادره الموثوقة، والاعتزاز باللغة
العربية لغة القرآن الكريم التي تميزت عن سائر اللغات ببلاغتها وأصالتها ومعاصرتعا
وديمومتها.
إن الدور الذي ننتظره من
الإتصال الإسلامي، هو أن يكون على مستوى الأحداث، وفق متطلبات العصر، وأن
يلتزم بمنهج الإسلام في كل قطاعاته الاتصالية مسموعة ومقروءة، ومشاهدة، وهذا يشمل
القصة، والمسرحية، والقصيدة، والمقالة، والندوة، والمحاضرة، والتعليق، والحوار،
والمناقشة، والنقد، والنشيد.. وغير ذلك، بحيث يكون القارئ، والسامع، والمشاهد و
الممارس يستقون من مورد عذب متناسق العطاء نظيف الأداء، يصب في بوتقة واحدة تصوغ
المجتمع رجالاً ونساء وناشئة وشباباً بصياغة الإسلام، فليس ثمة فصام بين ما يسمع ويقرأ
ويشاهد و يعلم و يؤمن و يعمل؛ لأن المعين واحد، فيكون المجتمع لُحمة واحدة، يشد
بعضه بعضأَ، وبهذا نستطيع مواجهة ما يتوقع من إتصال العدو الذي يريد هدم بنيتنا
الاجتماعية، وعقيدتنا الإسلامية، وتربيتنا الخلقية، وتاريخنا الحضاري.
وثمة قصور يعيشه
العالم الإسلامي في مجال الاتصال، فقد ترك المسلمون التفوق والابتكار والإبداع في
هذا المجال لغيرهم، بحيث ولج إليه أصحاب التيارات والأفكار المنحرفة، وأصبحوا
مؤثرين فيه، وإننا – نحن المسلمين – بدلاً من أن نضجر بالشكوى، ونعلن تألمنا مما
يمارسه الاتصال العالمي من غزو فكري وثقافي ضد مجتمعاتنا وفق نظرياته الاتصالية،
علينا أن نسارع إلى خوض مختلف مجالات العمل الاتصالي الذي يحتل حالياً صدارة وسائل
الاتصال بالناس والتأثير فيهم، سواء كان مقروءاً أو مسموعاً، أو مرئياً، وله الدور
الأساسي حالياً في تغيير مسار الأفكار, وفق تأصيل نظرية اتصالية اسلامية.
إنه لا يصح مطلقاً أن
يقصر المسلمون في مجال الاتصال وهم أصحاب دعوة سامية، ويحملون على عاتقهم أمانة
إبلاغ رسالة الله تعالى الإسلامية الخاتمة إلى البشرية كلها، ومن ثم، لا ينبغي أن
ينحصر عمل الدعوة في المساجد، بل ينبغي أن نصل بدعوتنا إلى الشعوب الأخرى، وإلى
الناس في كل مكان بشرط أن يلتزم القائم بالاتصال (الداعية) بمنهج الدين الحنيف
الذي رسمه القرآن الكريم في قوله تعالى:(ادْعُ إلَيَ سَبِيلِ
ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن). [1]
ومن الحكمة أن تكون
الوسائل والأساليب والبرامج المعتمدة في الدعوة والاتصال مناسبة للظرف والبيئة
الإنسانية السياسية والاجتماعية والفكرية، ومراعية لطبيعة الإنسان والمخاطب
بالدعوة، طبيعته النفسية والفكرية. لذا جاء هذا البحث محاولا التأصيل لرسم مبادئ
نظرية اتصالية اسلامية. والاتصاليون المسلمون، بطبيعة الحال، يجب أن يكون تحركهم
من خلال مواقعهم مرتبطاً ومنطلقاً من التصور الإسلامي الصحيح، لأن المسلم خلقه
الله ليكون له مكان الصدارة والريادة والقيادة، وليكون في مقدمة الركب لا في ذيل
القافلة، وأن يؤثر في المحيط الذي يعيش فيه لا أن يتأثر به. وكم من أقوام غير
مسلمة انتصرت على المسلمين بقوة السلاح, ولكنها عادت بتأثير الشعوب الإسلامية،
فاعتنقت هذا الدين، ودخلت فيه أفواجاً، ورجاؤنا لمن وضعهم الله في موضع إتصالي
مؤثر أن يتقوا الله، و، أن يتحروا جانب الصدق والأمانة فيما يقدمونه للناس، فبقدر
الفعل الطيب يكون الأثر الطيب والذكر الحسن في الدنيا والثواب العظيم في الآخرة,
أما إذا قصروا في أداء واجبهم, فتلك جريمة كبرى يحاسبون عليها أمام الناس والتاريخ
ويوم يلقون ربهم. وعلى الاتصاليين أن يلتزموا بثوابت العقيدة الإسلامية والدفاع
عنها والعمل على نشرها, ويجب أن يكون للإتصاليين الإسلاميين تكوين شرعي (ما يجب أن
يعلم من الدين بالضرورة) حتى تكون رؤيتهم لعملهم الاتصالي واضحة، ويجب على وسائل
الاتصال الإسلامية, أن تنهل من تطور وتغير الأحكام الشرعية المواكبة لكل ذلك .
وبرغم
ما يُلحظ من تقصير في المجال الاتصالي الإسلامي، مقترنة بالاتصال العالمي, فلا
ننكر أن كثيرأً من الإسهامات الاتصالية المعاصرة لها آثارها في تكوين العقلية
المسلمة المبتغاة, ولكن الحاجة كبيرة إلى دعم تلك الإسهامات, وتطويرها وتكثيفها؛
حتى نتمكن من الصمود في مواجهة عمليات الغزو الفكري والثقافي المتزايدة ضد
مجتمعاتنا وفق مبادئ نظرية اتصالية إسلامية:
دراسة
تأصيلية اتصالية في تشكيل هوية الأمة الإسلامية.
هدف الدراسة
إن الهدف الأسمى لهذه الدراسة:
محاولة تأصيلية من المحاولات الجادة في صناعة اتصال إسلامي يستمد قوته ووجوده
وأهدافه وغاياته ومراميه من النبع الطاهر: كتاب الله الكريم والسنة النبوية
المطهرة وما تمخض عنهما من تراث إسلامي عظيم وفكر إنساني خالد. و تتفرع من هذا
الهدف الأسمى أهداف تتمثل في:
1. إعادة صياغة المعرفة الاتصالية
الانسانية وفق الرؤية الكونية التوحيدية من خلال استنباط نصوص الكتاب و السنة و
استقراء الكون.
2.
الإصلاح
المنهجي للفكر الاتصالي العالمي و إذكاء روح الاجتهاد بمفهومه الشامل بوصفه
التفاعل المستمر لعقل الانسان مع الوحي الالهي سعيا لتحقيق المقاصد و التوجيهات و
السلوك القائم على قيم السماء.
3.
تقديم
مقترح اطاري يشكل منهاجا اتصاليا يؤصل للتعامل مع مصادر التشريع مستنبطا منها و
عاملا بتوجهاتها.
4. بناء مجتمع الاتصال المستقبلي الذي
نستطيع أن نطلق عليه الأمة الإسلامية ذات الهوية الرسالية المتميزة,.
أهمية
الدراسة
"إن
نظريات الاتصال الحديثة تدور حول عناصر يمكن حصرها بالمبادئ:
- وجود عقيدة أو فكرة أو رسالة يراد نشرها
- توافر أساليب و وسائل إعلامية، مقروءة و
مسموعة و مرئية لتوصيلهاللناس.
- معرفة مدى استجابة مستقبل الرسالة لها.
- قياس و تحديد مدى ما يظهر من سلوكه
متفقا مع هذه الرسالة، وهو ما يعبر عنه برد الفعل.
- مراجعة الرسالة نفسها على ضؤ ما قام به
الداعية أو حقيقة الوسائل .. أو الوسائل لمعالجة رد الفعل إذا لم يتفق مع مضمون
الرسالة.
هذه المبادئ تمثل كل ما تقوم عليه
النظريات الحديثة في الاعلام و كل ما يدرس في معاهده في شتى أنحاء العالم، و ما
يعكف على تحليله و تفصيله أساتذة الإعلام في محاضراتهم و مؤلفاتهم، فإذا انتقلنا
إلى الإعلام في القرءآن، فإن مثلنا يكون كمثل الذي سما بفكره و قلبه من الأرض إلى
السماء"[2]
إن هذه الدراسة تعتبر لبنة جديدة في بناء الإتصال
الإسلامي حيث الاستفادة القصوى من مفاهيم إتصالية موجودة في القرآن الكريم والأحاديث
النبوية والمواقف التاريخية في عصور إسلامية مختلفة. و كذلك ستكون هذه الدراسة أساساً
صالحا لتأصيل نظرية اتصالية اسلامية ترتكز على الحق، والصدق، والعدل، والإنصاف،
والموضوعية. ذلك أن الرسالة هنا هي رسالة الله سبحانه و تعالى .. و الداعية الرسول
صلى الله عليه و سلم النبي محمد عليه الصلاة و السلام، الانسان الكامل و الوسائل و
الأساليب أنزلت بوحي من السماء و هي تتصف بذلك مع كمالها و سموها بسماتها المؤثرة
إلى الإنسانية تتفق مع العقل و طبيعة الإنسان، و المستقبل في القرآن هو الإنسان
خليفة الله في أرضه.
أسئلة الدراسة
1.
هل توجد نظرية اتصالية إسلامية؟
2.
ما مدى توافق نظريات الاتصال مع أهداف الاتصال الإسلامي؟
3.
هل تستوعب نظريات الاتصال المضامين الإسلامية في تشكيل هوية الأمة
الإسلامية؟
4. هل تعبر نظريات الاتصال عن
هوية الأمة الإسلامية و تحقق غاياتها؟
5. ما الحاجة إلى نظرية
اتصالية إسلامية؟
فروض البحث
يسعى الباحث من خلال هذه الدراسة
للتحقق من الفرضيات التالية:
1.
بما أن الرسالة الإسلامية الاتصالية ترتكز
على الحق، والصدق، والعدل، والإنصاف، والموضوعية و تحافظ على الدين و النفس و العقل و النسل و
المال و توجه بواعث الخير في النفس قبل أن تتحول إلى سلوك، يفترض الباحث عدم وجود
نظرية اتصالية إسلامية.
2.
إن الهدف الأساسي للاتصال الاسلامي إرشاد الإنسان إلى ما يؤهله لأن
يكون عبدا لله، و تبصيره بالغاية التي من أجلها خلق، و هي عبادة الله (و ما خلقت
الجن و الإنس إلا ليعبدون) 56 (و ما أريد منهم من رزق و ما أريد أن يطعمون) 57 (إن
الله هو الرزاق ذو القوة المتين)58.[3] (و ما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء و يقيموا
الصلاة و يؤتوا الزكاة و ذلك دين القيمة). [4] إن الاتصال الإسلامي يسعى إلى تربية المسلم بحيث يكون: قوي الجسم،
متين الخلق، مثقف الفكر، قادرا على الكسب، سليم العقيدة، صحيح العبادة، مجاهدا
لنفسه، حريصا على وقته، منظما في شؤونه، و نافعا لغيره، و في اطار ذلك الحرص على
ترابط المجتمع و تماسكه. بالتأمل في نظريات الاتصال الوضعية لا نجد نظرية واحدة
تتسم بالشمول لتقابل الاهداف الاتصالية الاسلامية مما يجعلنا نفترض عدم توافق
نظريات الاتصال مع أهداف الاتصال الإسلامي.
3.
إن المضامين الإسلامية في تشكيل هوية الأمة الإسلامية تشمل كافة
مجالات الحياة: فكلمة التوحيد منهج متكامل للحياة، كما يصفها الرسول صلى الله عليه
و سلم بأنها "تملأ ما بين السموات و الارض" لأنها تعني العمل لعمارة
الأرض، و الجهاد في سبيل الله، و السعي لإقامة شريعته في الأرض، و طلب العلم لأنه
فريضه، و التخلق بأخلاق المؤمنين. يرى الباحث أن نظريات الاتصال لا تستوعب مضامين
تشكيل هوية الأمة الإسلامية.
4.
إن هوية الأمة الإسلامية الصادقة هي ترجمة تعاليم الدين الحنيف إلى
واقع ملموس غاياتها بناء مجتمع الاتصال المستقبلي
الذي نستطيع أن نطلق عليه الأمة الإسلامية ذات الهوية الرسالية المتميزة. يرى
الباحث أن نظريات الاتصال لا تعبر عن هوية الأمة
الإسلامية و لا تحقق غاياتها.
5.
إن الحاجة إلى نظرية اتصالية إسلامية هي حاجة تكليف
:
( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا
الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا )[5] (يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ
الْقُبُورِ )[6].
( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي
أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ
بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ )[7].
1.
مجتمع الدراسة و عينتها
إن مجتمع هذه الدراسة يتمثل في نظريات الاتصال و المفاهيم و القيم
الاتصالية الاسلامية الموجودة في القرآن الكريم والأحاديث
النبوية والمواقف التاريخية في عصور إسلامية مختلفة.
منهج البحث
يرى الباحث أن المنهج الذي يناسب دراسة هذه الحالة هو
المنهج الوصفي، اذ ان المنهج الوصفي يقوم على اساس
تحديد خصائص الظاهرة ووصف طبيعتها ونوعية العلاقة بين متغيراتها واسبابها
واتجاهاتها وما الى ذلك من جوانب تدور حول سبر
اغوار مشكلة او ظاهرة معينة والتعرف على حقيقتها في ارض الواقع. ويعتبر بعض الباحثين ان المنهج
الوصفي يشمل كافة المناهج الاخرى باستثناء المنهجين التاريخي والتجريبي. لان عملية
الوصف والتحليل للظواهر تكاد تكون مسألة مشتركة وموجودة في كافة
انواع البحوث العلمية. ويعتمد المنهج الوصفي على تفسير الوضع القائم (أي ما هو كائن (و
تحديد الظروف والعلاقات الموجوده بين المتغيرات. كما يتعدى المنهج
الوصفي مجرد جمع بيانات وصفية حول الظاهرة الى
التحليل والربط والتفسير لهذه البيانات وتصنيفها وقياسها واستخلاص النتائج
منها، هذا من حيث التعامل مع نظريات الاتصال و أما ما يتعلق بالتعامل مع مفاهيم إتصالية
موجودة في القرآن الكريم والأحاديث النبوية والمواقف التاريخية في عصور إسلامية
مختلفة، فإن الباحث يرى أن المنهج الاستنباطي الاستقرائي هو الانسب لما يمكن
الباحث من الاستنباط و استقراء واقع و أحوال الأمة.
أدوات جمع بيانات
الدراسة
للحصول على معلومات
وبيانات الدراسة سيقوم الباحث بتصميم إستبانة معيارية ضابطة كأداة لتحليل مضامين نظريات
الاتصال و مقارنتها مع المفاهيم و القيم الاتصالية في الاسلام.
هيكل الدراسة
سيحتوي
هذا البحث على خمسة فصول تجيئ على النحو التالي:
الفصل
الأول: الذي يعتبر مقدمة هذه الدراسة بما يعكسه من أهميتها و أهدافها، و فروضها، و
منهجها، و مجتمعها، و الدراسات السابقة، ثم أدوات جمع المعلومات و البيانات
والمصطلحات التي ترد في متنها.
الفصل
الثاني: يعكس بالتحليل نظريات الاتصال من حيث العناصر، و الأهداف، و المضامين، و القيم
الاتصالية، و الشمول و الديمومة.
الفصل
الثالث: يبرز المفاهيم و القيم الاتصالية في الاسلام.
الفصل
الرابع: يعنى بتحليل الإستبانة المعيارية الضابطة كأداة لتحليل مضامين نظريات
الاتصال و مقارنتها مع المفاهيم و القيم الاتصالية في الاسلام.
الفصل
الخامس: يعكس أهم النتائج و التوصيات التي توصل إليها الباحث في محاولته نحو مبادئ
نظرية اتصالية إسلامية: دراسة تأصيلية اتصالية في تشكيل هوية الأمة الإسلامية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق