نحو
برنامج للبحث العلمي في إسلام العلوم
أ.د.
محمد الحسن بريمة
عناصر
المحاضرة:
1- مفهوم رؤية العالم(worldview)
2- رؤية قرآنية
للعالم الاجتماعي(توحيدية + دنيوية)
3- إسلام المعرفة
لماذا؟
4- العلم والمعرفة
بين نموذجين: الظاهرة السبئية حالة تفسيرية
5- نحو برنامج للبحث
العلمي في إسلام العلوم
6- الكتاب المنهجي
الجامعي: الأكل الطيب لإسلام المعرفة
1- مفهوم رؤية العالم: تعريفه؛
قضاياه؛ أهميته
·
التعريف
مصفوفة من المفاهيم
المتشكلة من المعتقدات الأساسية لكل إنسان ومن خبراته العملية، تسمح لنا بصياغة
تصور عام عن الوجود وموقعنا ومهمتنا فيه، بحيث تعطي معنى وتوجيها لحياتنا
وأفعالنا، وقد تقتصر على فرد بعينه، وقد يشترك في عمومياتها مجتمع بأكمله؛ وتتم
صياغتها من قِبَل منسوبيها، في إطار ثقافة معينة، من قضايا إيمانية وتجارب واقعية،
وتتطور وتنضج عبر الزمان.
·
القضايا
السؤال
الأول؛ هو سؤال الوجود(الأنطولوجيا)، أو نموذج
الواقع، والذي يمكن التعبير عنه بسؤال "ماذا؟"، وينطوي هذا السؤال على
عدد من التساؤلات مثل: ما طبيعة عالمنا الذي نعيش فيه؟ ما هي تركيبته؟ وكيف يتم
توظيفه؟ ما علة وجود شيء معين، وما علة انتفاء وجود شيء آخر؟ … إلخ.
السؤال الثاني؛
يقدم تفسيرا للمكون الأول: لماذا أصبحت وضعية العالم على ما هي عليه، ولم لم تتخذ
شكلا مختلفا؟ وما هي المبادئ التفسيرية العامة التي يمكن تطويرها؟ كيف نشأ العالم؟
ومن أين؟ والإجابات على مثل هذه التساؤلات لابد أن تكون قادرة على تفسير كيفية
وأسباب وجود الظواهر المختلفة؛ ولا يخفى أن نوع هذا التفسير يعتمد على الماضي
والأحداث السابقة.
السؤال
الثالث؛ يكمل سابقه، فإذا كان السؤال الثاني معني
بالماضي والأحداث السابقة، فهذا السؤال معني بالمستقبل: إلى أين؟ ما هو مصير
الحياة في هذا الكون؟ ويمثل هذا التساؤل مبحث المستقبليات لأنه معني باللواحق
والنتائج المستقبلية المحتملة، تلك الاحتمالية التي تحمل في طياتها إمكانات
الاختيار بين النتائج والترجيح بين البدائل لتطوير بعضها والدفع بها قدما، وتحاشي
الآخر ووضعه جنبا؛ ومن ثم، تأتي أهمية المكون الرابع الذي يؤكد على الجانب القيمي
في تساؤلات رؤية العالم.
السؤال الرابع؛
كيف نثمن الحقيقة الكونية العامة؟ ما الذي ينبغي علينا أن نناضل من أجله؟ ما هو
الخير وما هو الشر؟ وما هي غاية الحياة؟ وهي الأسئلة التي تصب في مبحث
الأكسيولوجيا(علم القيم) الذي يتضمن الأخلاقيات والأدبيات والجماليات، وعليه، فهذا
المكون معني في الأساس بإمدادنا بمجموعة التوجهات والدوافع والأهداف الكامنة وراء
الأفعال.
السؤال الخامس؛
ويتعلق بنظرية الفعل، أو مبحث البراكسيولوجيا(علم السلوك): كيف ينبغي أن نتصرف؟
وما هي المبادئ العامة التي يجب أن تنتظم في ضوئها أفعالنا؟ ويساعد هذا المبحث على
وضع الخطط والنظريات الكامنة وراء الأفعال موضع التنفيذ بحسب ما يقتضيه الجانب
القيمي.
السؤال
السادس؛ يدور حول نظرية المعرفة(الإبستمولوجيا):
كيف نستطيع صياغة تصورات عن العالم تساعدنا على الوصول إلى إجابات قاطعة للأسئلة
الثلاث الأولى؟ كيف يمكننا اكتساب المعرفة؟ أما التساؤلات الأكثر تجريدية مثل: ما
هي الأسس التي ينبغي أن تقوم عليها الاستدلالات الصحيحة والبراهين الناجعة؟ ما هي
ملامح الحقيقة والاستنتاج والوجود والضرورة... إلخ؟ ـ فتبقى من مباحث علم المنطق
أو فلسفة المنطق. كذلك يمكن إضافة إشكالية اللغة إلى هذا المكون: ما هي اللغة التي
ينبغي استخدامها لاكتساب المعرفة؟ وما هي حدودها؟
السؤال
السابع؛ ويمكن أن نصفه بالسؤال الكلي الشامل وهو:
من أين نبدأ لنستطيع الإجابة عن كل الأسئلة السابقة؟
· الأهمية
1- كل إنسان
محكوم في تصرفاته وتقلباته في الحياة برؤية العالم التي يستبطنها، وتمثل بالنسبة
له ما يظنه الحق والصواب، وتمده بتفسير لوقائع الحياة منسوبة إلى هذا الوجود،
وتصيغ هويته الشخصية؛
2- رؤية العالم التي يتشارك عمومياتها الجمع من الناس تربط بين
منسوبيها في شكل مجتمع منسجم ومتماسك؛
3- رؤية العالم
تمد منسوبها بالأسباب وقوة الدفع ليحدد ما هو الحق، وما هو الأهم في تجربته
الحياتية؛ أي أنها تقوم بمهمة معيارية وأخرى وصفية؛
4- رؤية
العالم تقوم بدور الوسيط الذي يتم عبره تحويل العلم والإيمان إلى أعمال في الواقع
الدنيوي؛ والعكس صحيح حيث التغذية الراجعة من العمل إليهما؛
5- حتمية
الاختلاف في رؤى العالم بين الناس، حتى في إطار الثقافة الواحدة، يقتضي منا
التواضع وعدم ادعاء الحق المطلق لرؤيتنا والباطل لرؤية غيرنا، بل يجب احترام رؤية
غيرنا مع الدعوة إلى المجادلة بالحسنى والتعلّم من بعضنا؛
6- تتأثر
رؤيتنا للعالم، سلبا أو إيجابا، تأثرا بالغا بخبراتنا في طفولتنا؛
7- إذا نشأ
تناقض بين رؤية العالم التي يؤمن بها الشخص أو المجتمع وبين الأفعال والخبرات
الحياتية لذلك الشخص أو المجتمع فإن ذلك يؤدي بالضرورة إلى توترات وضغوط نفسية
واجتماعية قد تبلغ مدى مرضيا يؤدي إلى الانهيار الفردي والجمعي، أو قد يقتضي
الخروج من التوتر والضغط تعديل أو هجر رؤية العالم السائدة وتبني رؤية جديدة
للعالم تسمح لنا بالتعايش مع واقعنا، حتى وإن كان واقعا غير مُرْض لنا.
2- رؤية قرآنية
للعالم الاجتماعي
إسلام
المعرفة لماذا؟ -3
·
ما
المقصود بإسلام المعرفة؟
" إن قضية
إسلام المعرفة في جوهرها هي بحث في كيفية إعادة التلازم والتفاعل الاستراتيجي بين
العلم(عمارة العقل)، والإيمان(عمارة القلب)، والعمل الصالح في زينة الحياة
الدنيا(عمارة الأرض)؛ خروجاً من إصر الازدواجية المعرفية والثقافية المقعد للأمة
الإسلامية، واستئنافاً لحضارة التوحيد المتجسّدة في عالم الشهادة، الموصولة بعالم
الغيب. إنها قضية تبحث في أمهات مسائل العلم من حيث المصدر والمحتوى والمنهج
والمقصد، وتبحث في علاقة هذا العلم بالإيمان من جهة وعلاقته بالعمل من جهة أخرى،
وتبحث في العلاقة التفاعلية بين العلم والإيمان والعمل كلهم جميعاً.
هكذا تتبلور المحاور الأساسية لقضية إسلام المعرفة في تحديد
المصادر الإسلامية للعلم, ومنهج التعامل مع هذه المصادر، وطبيعة العلم المنتج
منها، ومناهج توظيف هذا العلم لتحقيق مقاصد الدين؛ إيماناً في الأنفس وعملاً
صالحاً في الحياة؛ وكيف يتم التعامل مع التراث الفكري الإسلامي والفكر الغربي بحيث
نتجاوز متاهات القبول المطلق، أو الرفض المطلق، أو الانتقاء العشوائي لهذا الفكر
أو ذاك، وما هي خصائص العالِم الذي يمكن أن ينتج هذا العلم".
·
الأزمة
في رؤية العالم في العالم الإسلامي:
· تشخيص الفاروقي:
النموذج التعليمي الغربي: المثال والواقع في بلاد المسلمين
السقف المعرفي في جامعات الغرب
مستوى تحصيل طالب العلم الغربي (الإحاطة المعرفية
المدفوعة بالروح الغربية
العجز
المعرفي عند طالب العلم المسلم
المبعوث لغياب الروح الحافزة
للتحصيل المحيط
فجوة علمية(1)
مستوى
تحصيل طالب العلم
المبعوث من البلاد
الإسلامية
القاع
المعرفي في جامعات الغرب = السقف المعرفي في جامعات العالم الإسلامي
فجوة علمية(2)
مستوى
تحصيل الطالب في
الجامعات الإسلامية
فجوة
علمية(3) سقف
التعليم العام في
الدول الإسلامية
مستوى تحصيل
التلميذ في التعليم العام بالدول الإسلامية
·
تشخيص العلواني:
شكل رقم(1)
قضية الغزو الفكري
شكل
رقم (2)
*-
تشخيص أبوسليمان:
- كيف تشوهت الرؤية الكونية
الإسلامية
- تعارض العقل والنقل: وهم
أم حقيقة؟
- الرؤية الإسلامية بين
الأصحاب والأعراب
4- العلم والمعرفة بين
نموذجين: الظاهرة السبئية حالة تفسيرية
· العلم والمعرفة بين نموذجين:
النموذج المعرفي
التوحيدي والنموذج المعرفي الدنيوي
أركان العلم
|
النموذج المعرفي التوحيدي
|
النموذج المعرفي الدنيوي
|
المصدر
|
الله
الوحي
الكون
|
-
-
الكون
|
المحتوى
|
*علم الغيب
*علم
الشهادة:
- قوانين
طبيعية
- سنن
اجتماعية
- أحكام قيمية
|
-
*علم الشهادة:
- قوانين
طبيعية
-
منتظم عادات اجتماعية
-
|
المنهجية
|
- سمع
- بصر
- فؤاد
|
- سمع
- بصر
-
|
العالِم
|
إنسان (مؤمن)
|
إنسان (كافر)
|
الأهداف
|
تعظيم العمل الصالح في الحياة الدنيا
|
تعظيم متاع الحياة الدنيا
|
·
الظاهرة السبئية حالة
تفسيرية:
ôs)s9) tb%x. :*t7|¡Ï9 Îû öNÎgÏYs3ó¡tB ×pt#uä ( Èb$tG¨Yy_ `tã &ûüÏJt 5A$yJÏ©ur ( (#qè=ä. `ÏB É-øÍh öNä3În/u (#rãä3ô©$#ur ¼çms9 4 ×ot$ù#t/ ×pt6ÍhsÛ ;>uur Öqàÿxî ÇÊÎÈ (#qàÊtôãr'sù $uZù=yör'sù öNÍkön=tã @øy ÇPÌyèø9$# Nßg»oYø9£t/ur öNÍköoK¨Zpg¿2 Èû÷ütF¨Zy_ ötA#urs @@à2é& 7Ý÷Hs~ 9@øOr&ur &äóÓx«ur `ÏiB 9ôÅ 9@Î=s% ÇÊÏÈ y7Ï9ºs Nßg»oY÷ty_ $yJÎ/ (#rãxÿx. ( ö@ydur üÌ»pgéU wÎ) uqàÿs3ø9$# ÇÊÐÈ $uZù=yèy_ur öNæhuZ÷t/ tû÷üt/ur tà)ø9$# ÓÉL©9$# $uZò2t»t/ $pkÏù \è% ZotÎg»sß $tRö£s%ur $pkÏù uö¡¡9$# ( (#rçÅ $pkÏù uÍ<$us9 $·B$r&ur tûüÏZÏB#uä ÇÊÑÈ (#qä9$s)sù $uZ/u ôÏè»t/ tû÷üt/ $tRÍ$xÿór& (#þqßJn=sßur öNåk|¦àÿRr& öNßg»oYù=yèyfsù y]Ï%tnr& öNßg»oYø%¨tBur ¨@ä. A-¨yJãB 4 ¨bÎ) Îû y7Ï9ºs ;M»tUy Èe@ä3Ïj9 9$¬7|¹ 9qä3x© ÇÊÒÈ ôs)s9ur s-£|¹ öNÍkön=tã ߧÎ=ö/Î) ¼çm¨Ysß çnqãèt7¨?$$sù wÎ) $Z)Ìsù z`ÏiB tûüÏZÏB÷sßJø9$# ÇËÉÈ $tBur tb%2 ¼çms9 NÍkön=tã `ÏiB ?`»sÜù=ß wÎ) zNn=÷èuZÏ9 `tB ß`ÏB÷sã ÍotÅzFy$$Î/ ô`£JÏB uqèd $yg÷YÏB Îû 7e7x© 3 y7/uur 4n?tã Èe@ä. >äóÓx« ÔáÏÿym ÇËÊÈ)
5- نحو برنامج للبحث العلمي
في إسلام العلوم
"يقسم لاكاتوس برنامج البحث العلمي إلي جزءين رئيسيين،
حيث يتكون الجزء الأول والأهم مما يسميه "القلب الصلب" بينما يتكون الجزء الثاني
مما يسميه "الحزام الواقي”. والحزام
الواقي هو منطقة المرونة في برنامج البحث العلمي حيث يحتوي على مجموعة من
الافتراضات المساعدة والتي بضمها إلي "القلب الصلب" للبرنامج تتولد
عنهما نظريات وفرضيات قابلة للتفنيد عن طريق الاختبار والتجربة. وهذه الفرضيات
التجريبية هي التي تكسب برنامج البحث العلمي شهرته العلمية لأنها تتحمل تبعة
المحاولات المتكررة لتفنيد البرنامج عن طريق التجربة والاختبار العملي.
أما "القلب الصلب" لبرنامج البحث العلمى فهو غير
قابل للتفنيد بقرار متعمد من العلماء أنصار البرنامج. ويتكون القلب الصلب من جزءين،
الأول عبارة عن المعتقدات"المسلمات" العلمية والغيبية التي يؤمن بها
أنصار البرنامج من العلماء. أما الجزء الثاني فيسميه لاكاتوس "الموجه الكشفي
الموجب"“Positive Heuristic” ويحتوى على
مجموعة من الموجهات والإرشادات تتعلق بكيف ندافع عن البرنامج، وما يقع في دائرة
اختصاصه وما يقع خارجها، وكيف يمكن أن نشكل ونغير ونطور النظريات والفرضيات التجريبية
التي تولد في منطقة الحزام الواقي.
والقلب الصلب هو الذي يحفظ لبرنامج البحث العلمى تميزه وتفرده
لأنه محمي من التغيير والتبديل، بل يعتبر رفض أو تغيير أحد مكوناته رفضاً لكل
البرنامج. أما في منطقة الحزام الواقي فيمكننا التخلي عن النظريات والفرضيات
التجريبية واستبدالها بأخرى دون أن نتخلى عن برنامج البحث العلمى نفسه. كذلك ليس
من الضروري أن تتم صلابة القلب وقتياً بل يكتسب صلابته تدريجياً من خلال تطويره
ومن خلال مواصلة التحديد الدقيق لمفاهيمه ومصطلحاته.
ولكن يبقى السؤال: هل توجد أي معايير موضوعية يمكن بها رفض أو
هجر برنامج بحث علمي معين؟ يجيب لاكاتوس على ذلك بأن المعيار الموضوعي هو أن يوجد
برنامج بحث علمي منافس يمكن من خلاله تفسير كل الظواهر التي فسرها الآخر ويزيد
عليه بقدراته التفسيرية والتنبؤية بحيث يفسر ظواهر ويتنبأ بأخرى يعجز عنها
البرنامج الآخر."
التكوين الهيكلي لمنهجية "برنامج البحث العلمى"،
الذي عرضناه سابقاً، ينسجم والإطار العام للبحث العلمي في إطار إسلام العلوم
الاجتماعية. فكما أن لبرنامج البحث العلمى "قلب صلب" يحتوى على ثوابت
لاتقبل التغيير أو التعديل، دون الخروج على البرنامج برمته، وجزء آخر مرن هو مجال
الاجتهاد والتجربة "الحزام الواقي"، فكذلك الثوابت العقدية والقيمية
وسنن الله في الأنفس التي وردت في القرآن لا تحتمل التبديل والتحويل في مجال البحث
العلمى وغيره، وثباتها غير مرهون بزمان أو مكان، بينما يترك الإسلام مساحات واسعة
للاجتهاد والتجربة في وقائع الحياة المتجددة، وإن كان هذا الاجتهاد وهذا التجريب
ينطلق من ثوابته التي جاءت بها نصوص الوحي.
إن جاز لنا أن نستعير مفهوم "القلب الصلب" من نظرية
"برنامج البحث العلمى" فيمكننا القول إن هناك نوعين من "القلب
الصلب" عليهما مدار إسلام العلوم الاجتماعية. النوع الأول هو الثوابت العقدية"أركان
الإيمان والإسلام"، والقيمية"قيم التقوى" التي تشكل رؤية العالم الإسلامية،
والتي لايمكن الاختلاف عليها إلا بالاختلاف في جوهر الدين والتفرق فيه، وهذا النوع
من "القلب الصلب" ينبغي أن يكون قاسماً مشتركاً لجميع علماء العلوم
الاجتماعية الإسلامية على مختلف تخصصاتهم، والعلوم الطبيعية كذلك، وهو الذي يضمن
وحدة هذه العلوم منطلقاً ومنتهىً .
أما
النوع الثاني من "القلب الصلب" فهو خاص بكل علم اجتماعي، ويتشكل من
"السنن الاجتماعية" الثابتة التي بثها الله تعالى في ثنايا القرآن،
والتي تناسب ذلك العلم. وليس من شك في أن المسلمات الكلية لكل علم إنما تأتى من
هذه السنن القطعية الثبوت والقطعية أو الظنية دلالة. والظن إنما يأتي من فهم
العالم للنصوص التي تحتوى على تلك السنن، ومن خلال عملية التجريد النظري المؤدية
إلى استخلاص السنة أو القانون الاجتماعي من تلك النصوص وصياغته بطريقة علمية تناسب
البناء النظري لذلك العلم. وهذا يعني أنه لن يكون هناك إجماع بين علماء ذلك العلم
على مدلولات تلك النصوص أو الصياغة التي يوضع في إطارها القانون الاجتماعي
المستخلص . ويترتب على هذا أنه سوف يكون هناك أكثر من قلب صلب للعلم المعني، أي
أكثر من برنامج بحث علمي، ولكل مؤيدوه. ولكن هذا التنوع في برنامج البحث العلمى
مسموح به في إطار منهجية لاًكاتوس، بل هو العامل الحاسم في تطور العلم ونموه حيث
تتنافس هذه البرامج العلمية في إثبات جدواها من خلال محاولة كل منها إثبات تفوق
محتواه التجريبي نظرياً وعملياً وذلك بتعريض هذا المحتوى- الحزام الواقي- للظواهر
الاجتماعية واختبار قوة كل برنامج على تفسيرها بعد وقوعها، أو التنبؤ بها بعد ذلك.
ومن
المناسب هنا أن نؤكد أن البيئة الاجتماعية التي سوف نجرى فيها تجاربنا سوف تعمق من
فهمنا لتلك السنن الكلية التي استنبطناها من الوحي، بل سوف تلفت نظرنا إلى سنن كلية
أخرى كانت غائبة عنا من قبل، كما سوف تكون المصدر الأساس لمدنا بسنن جزئية كثيرة تندرج
تحت إطار تلك السنن الكلية.
ولا شك
أن كل ما قلناه عن برنامج البحث العلمى في مجال العلوم الاجتماعية ينطبق من باب
أولى على العلوم الطبيعية، لأن النظرية أصلاً نشأت في حضنها.
أما من
الناحية الإسلامية فوجود عدد من برامج البحث العلمى في إطار العلم الواحد لا ينبغي
أن يزعجنا ما دمنا جميعاً متفقين على "القلب الصلب" الكلى المتعلق برؤية
العالم، وما دمنا متفقين على المعايير العلمية التي تتيحها النظرية للحكم على
البرامج المتنافسة .
6- تأصيل الكتاب المنهجي الجامعي: الأكل الطيب
-
خصائص الكتاب المنهجي الجامعي؛
-
تأليف كتب منهجية أصيلة؛
-
تأليف كتب منهجية مقارنة؛
-
التقديم برؤية الإسلام للعالم في إطار التأليف
التقليدي.
تم بحمد الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق