التعليم المستمر و تعليم الكبار
د.
عبدالمحمود إدريس إبراهيم/جامعة الزعيم الأزهري
المستخلص
تتناول هذه الورقة
موضوع التعليم المستمر أومواصلة التعليم كمصطلح عريض يشمل كل الانشطة والبرامج التعليمية لما بعد
التعليم الثانوي. كما أصبح في الوقت الراهن مبدأ تربويا هاما ينظم كل أنواع
ومستويات التربية في المجتمع. التعليم المستمر يشمل أيضا منح الدرجات
العلمية المعترف بها لطلاب غير تقليديين كطلاب الانتساب والدراسة عن بعد وكذلك
الدراسة المقيمة أو على الهواء. كما يؤهل التعليم المستمر الحرفيين ويدرب مختلف
فئات القوى العاملة. كما يعتبر التعليم الذاتي - عبر الشبكة العنكبوتية أو التعليم
المفتوح- تعليما مستمرا. هذا النوع من التعليم أخذت به العديد من الدول المتقدمة
ونحن في امس الحاجة لهذا النوع من التعليم لننهض من كبوتنا ونفجر طاقاتنا لنضاهي
الأمم التي سبقتنا.
Abstract
CONTINUOUS EDUCATION AND ADULT EDUCATION
This paper will endeavor the topic of
continuous education as a broad term which includes all activities and
educational programmes of postsecondary education. Now, continuing education is
a very significant principle which organizes all levels of education in society
as well as adults’ education. Degree credit courses by non-traditional students, non-degree career
training, workforce training, formal personal enrichment courses (both
on-campus and online) self-directed learning (such as through Internet interest
groups, clubs or personal research activities) and experiential learning as
applied to problem solving
are considered as continuing
education. Many developed
countries are adopting this type of education to meet their non static needs.
Therefore, we as a devolving country, we are in a great need for this type of
education to overtake the pioneering nations.
مقدمة
حظي التعليم المستمر باهتمام بالغ في الوقت الراهن. فالتعليم
المستمر صنو لتعليم -الكبارأو بالأحرى انبثاق الفكرة ناجم عن مفهوم تعليم الكبار؛
وذلك لأن التعليم المستمر غالبا موجه للناضجين الذين نالوا قسطا يسيرا من التعليم
ثم انقطعوا عن الدراسة لإسباب عديدة. فالتعليم المستمر
كان موجوداً وممارساً في الماضي و لكن دون أن يتم تأطيره كما في وقتنا الراهن. وقد
ساعد التقدم العلمي و التقني في كسر الحواجز بين الأمم مما حدا بالتربويين
والمصلحين االاجتماعيين التفكير في استحداث الوسائل التي من شأنها أن تردم الهوة
بين طبقات المجتمع وايضا بين الشعوب فكان التعليم المستمر من أميز الأساليب
التربوية التي تعمل على إعادة توازن المجتمعات وتحقيق قدر من الأنجاز الذي يعود
بالنفع على الفرد والأمة. فالتعليم المستمر الآن يمنح الدرجات العلمية
المعترف بها لطلاب غير تقليديين كطلاب الانتساب أوالدراسة عن بعد أو جامعات الهواء
والافتراضية. كما يؤهل التعليم المستمر الحرفيين ويدرب مختلف فئات القوى العاملة.
كما يعتبر التعليم الذاتي - عبر الشبكة العنكبوتية أو التعليم المفتوح- تعليما
مستمرا.
مفهوم التعليم
المستمر
إن
مفهوم التعليم المستمر في الوقت الحاضر قد انبثق من مفهوم تعليم الكبار. والاهتمام
بتعليم الكبار أضحى مبدأ تربويا أخذت به الدول المتقدمة, حيث ترعى هذه الدول كبارها
وتعلمهم شتى العلوم والمعارف وتدرب العاملين منهم ليعملوا على زيادة الإنتاج وتحسين
ظروف حياتهم المعيشية
والعملية والاجتماعية. والتعليم
المستمر هو التعلم مدى الحياة وليس بمحدود زمانا أو مكانا. إن التعليم المستمر هو الانتهال من معين المعرفة لكل فئات المجتمع دون قيد
أو شرط وخاصة أولئك الذين لم يتمكنوا من فك رموز اللغة حتى شبوا عن الطوق أو الذين قطعوا
دراستهم النظامية لأي ظرف من الظروف و يريدون مواصلة تعليمهم, أو قد يكونوا من
الذين انقطعوا عن الدراسة المقيمة لظروفهم الخاصة أو لبعد مكان إقاتهم عن مكان
الدراسة. التعليم المستمر ليس حكرا على هذه الفئات فقط بل أيضا يشمل الدورات
التنشيطية التي تقيمها المؤسسات لموظفيها لتجويد الأداء ومواكبة التغييرات التي
تستجد في طبيعة العمل. إن مفهوم التعليم المستمر يرتبط ارتباطا وثيقا بتعليم
الكبار.فهل يوجد تعريف محدد لتعليم الكبار؟ لا يوجد اتفاق علي تعريف
محدد لمفهوم تعليم الكبار ويرجع ذلك لحداثة علم تعليم الكبار فقد تعددت المصطلحات
والمفاهيم حوله، ولكن الجذور القديمة لهذا العلم تعود إلى الحضارات القديمة
كالحضارة الصينية والهندية واليونانية والعربية الإسلامية التي دعت لتعليم الإنسان
منذ ميلاده و حتى مماته. فهنالك عقبات عدة تجابه التربويين في الاتفاق على تعريف
موحد للمفهوم تلخص في الآتي:
1. كثرة المصطلحات والمفردات المستخدمة من
قبل العاملين في حقل تعليم الكبار.
2. الاختلاف حول تحديد من هم الكبار .
3. كثرة التعريفات المطروحة في أدبيات
تعليم الكبار .
4. غموض مفهوم تعليم الكبار كحقل تربوي
حديث نسبياً([1]).
ثم
تناول محمود أحمد عجاوي مفهوم تعليم الكبار معرفاً له بأنه (كل نشاط تربوي هادف
يلتحق به الفرد من تلقاء نفسه من أجل تطوير ذاته بشرط أن لا يحتل ذلك النشاط الحيز
الأكبر من وقته)([2]).
يري عمر رفاي أن عجاوي قد تناول في حديثه الصعوبات التي تعترض تحديد مفهوم تعليم
الكبار إلا أنهه قد أغفل واحداً من أهم أسباب الخلاف في تحديد مفهوم علم تعليم
الكبار وهو عامل العمر ([3]).
واما
مدكور فيورد تعريفاً تأصيلياً لمفهوم تعليم الكبار حيث يعتبره ( هو الأصل الذي
خرجت من عباءته عملية التعليم والتعلم المدرسية المعروفة الآن)[4]
ثم يورد بعض الآيات القرآنية للدلالة على أن المولي عز وجل قد علم الرسل وأن
الرسالة تأتي للرسل في سن الأربعين وهي سن الكبار.
ويعرف الدكتور محيي
الدين صابر مفهوم تعليم الكبار بأنه ( نظام التعليم الذي يتم خارج نطاق المؤسسة
التعليمية النمطية وهو بهذا يتسع جمهوره فيشمل الأميين الذين لم يتعلموا القراءة
والكتابة أساساً لأنهم في الغالب الأعم لم يدخلوا المدرسة من البداية ، ويشمل
أولئك الذين دخلوها لفترة أو فترات في مرحلة أو أكثر من مراحلها وحتى أولئك الذين
دخلوها وأتموها في كل مراحلها ، وهذه الجماعات تحتاج في مستوياتها المختلفة إلى
الانتفاع بنشاط تعليم الكبار وبرامجه المتنوعة وأساليبه المتعددة وبما يقدم من
خلالها من خدمات متصلة بالتعليم الأساسي أو باستكمال بعض المراحل التعليمية أو
للإعداد والتأهيل أو لتجديد الخبرة أو تنويعها أو تغييرها تكيفاً مع الحاجات
الفردية والاجتماعية)([5])
أما
عبد الفتاح جلال فيورد المفهوم تحت مسمى تربية الكبار حيث يرى أن ( تربية الكبار
هي مجموع المجهودات التربوية التي توجد أو التي ينبغي أن توجد ليستفيد منها الشباب
والكبار خارج حدود أنشطة التعليم النظامي في المدارس والجامعات مستهدفة زيادة
كفاءة الفرد وقدرته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية ومستهدفة تصحيح
نواحي القصور التي كانت نتيجة للتعليم النظامي إن وجدت وكذلك مساعدة الفرد على
تحقيق طموحه الشخصي في الوقت الحاضر وفي المستقبل في النواحي المهنية وغيرها وذلك
كله من أجل حياة أفضل وأغنى للفرد)([6]).
ولاختلاف
مفهوم تعليم الكبار بين الدول المتقدمة والدول النامية كما أشار إلى ذلك محيي
الدين صابر نجد أن التعريف البريطاني لمفهوم تعليم الكبار بأنه ( كل أنواع التعليم
غير المهني لمن تزيد أعمارهم عن الثامنة عشرة والذي يقوم بإشراف السلطة التعليمية
بواسطة جهات مسؤولة)([7]).
وفي
الولايات المتحدة الأمريكية يُعرّف تعليم الكبار بأنه ( المرحلة التعليمية الرابعة
في المجتمع الناضج والذي يضع في اعتباره أن التعليم هو حاجة مستمرة على مدى حياة
الفرد )([8])
أمـا منظمـة الأمـم المتحدة للتربيـة والثقافـة والعلوم (اليونسكو) فتعريفها
للمفهوم (أن عبارة تعليم الكبار تشتمل على البنية الكلية للعملية المنظمة حيث ينمي
الأشخاص- الذين تعتبرهم مجتمعاتهم كباراً أو راشدين- قدراتهم ويثرون معرفتهم
ويعملون على الارتقاء بمؤهلاتهم الفنية أو المهنية، أو تحويلها نحو وجهة جديدة
ويحدثون تغييرات في اتجاهاتهم أو سلوكهم في إطار المنظور المزدوج للنمو الشخصي
الشامل، والمشاركة في التنمية المتوازنة والمستقلة اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً.
ولا ينبغي اعتبار تعليم الكبار شيئاً قائماً بذاته بل يجدر اعتباره فرعاً وجزءاً
مكملاً من خطة عالمية للتربية والتعليم المستمرين مدي الحياة)([9]).
ويرى
عمر رفاي أن تعريف اليونسكو لمفهوم تعليم الكبار قد جاء تعريفاً متكاملا، حيث
تناول متغير العمر وأرجع تحديده لكل مجتمع حسب وجهة نظر ذلك المجتمع ، كما لم يغفل
جانب الغرض من تعليم الكبار والمتمثل في تنمية المؤهل فنياً وأكاديمياً وما يؤدي
به ذلك من تنمية في الاتجاه والسلوك للفرد. أهم ما جاء في تعريف اليونسكو كون
تعليم الكبار جزءاً لا يتجزأ من العملية التربوية والتعليمية[10].
وهذا يؤكد ان تعليم الكبار يعتبر تعليما مستمرا.
التعليم المستمر في
الحضارة الإسلامية
جاء
الإسلام بالتوحيد مستهدفا
محو الشرك بالله تعالى ، ولما لم يكن التغيير متاحاً بدون أن تكون هنالك أداة مساعدة
عليه فقد كانت تلك الأداة هي التعليم الذي لم يكن منتشراً في بلاد العرب. وقد كان ظهور
الإسلام في جزيرة العرب يعني حدوث حركة شاملة لإنسان المجتمع الإسلامي، وحركة
الإنشاء الحضارية تحدث أولاً في حياة الكبار وتنظيماتهم ومن ثم كانت العناية
بالكبار، فقد توجه إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة لأنهم هم المكلفون
والقادرون على الفهم والتطبيق الفوري وعلى إرشاد أهلهم وذويهم من الرجال والنساء
والأطفال)([11]).
إذن
التعليم المستمر أصيل ومتأصل في الفكر الإسلامي لأن الحياة تتطلب معرفة مستمرة
دائمة لاكتشاف مجاهيلها، وسبر أغوارها فإن المبهم لكثير وبذلك يشير سبحانه وتعالى
في كتابه الكريم "وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" وهذا يدل على أن كل
العلم الذي توصل إليه الإنسان ما هو إلا قطرة في محيط هذا الكون الهائل. وقد أوجب
الإسلام التحصيل العلمي – قال عليه الصلاة و السلام "طلب العلم فريضة على كل
مسلم."[12]
كما أن التربية الإسلامية اهتمت بتعليم المرأة أيضا ولم يجعلها أقل حظاً من الرجل
فقد ورد في القرآن الكريم "تعلمونهن مما علمكم الله" ويقول الرسول
الكريم صلى الله عليه وسلم "ارجعوا
إلى أهليكم فعلموهم".
إن
التعليم المستمر بخصائصه وأهدافه واتجاهاته ودواعيه أصيل في التربية العربية
الإسلامية فكراً وممارسة وما التسميات الحديثة "التعليم المستمر"
و"التربية الدائمة" و "التربية المستمرة" و "التربية
المستديمة" و "التعليم المتواصل" أو الدائم إلا تسميات لفكر راسخ
تمتد جذوره في البدايات الأولى للتربية العربية الإسلامية التي نادت بتربية
المجتمع بكل أفراده بدون تمييز في اللون أو الجنس أو العرق ، فهي مصطلحات مستحدثة
لفكرعتيق.
التعليم المستمر في
العصر الحديث
يعود
التعليم المستمر بمفاهيمه وخصائصه وأطره الحديثة إلى المفكـر كومنيوس الذي عاش في
الفترة 1592-1670م والذي نادى بتربية مستمرة متكاملة لكل الناس بمختلف
الفئات المهنية والطبقات الاجتماعية بحيث لا يفرق فيها بين رجل وامرأة، أوغني
وفقير، لأن التربية تحرر الناس من سلبياتهم ونقائصهم، وتسمو بإنسانيتهم وتنمى
العقل والفكر والعمل. وما زال التربويون يرددون شعاره وهو"تعليم الكل للكل
بشكل كلي" فالتعليم المستمر بهذا الاتجاه يختلط مع مفهوم تعليم الكبار الذي
تمتد جذوره في أعماق التاريخ، النصف الثاني من القرن الثامن عشر شهد مخاض التعليم
المستمر لدواعي النهضة الصناعية واتساع الحركة العلمية والفنية وانتشار المبادئ
الديمقراطية. ومع ظهور التحولات الاجتماعية في دول أوروبا الغربية.[13]
ويعتبر مفهوم التعليم المستمر في الوقت الحاضر يشمل تعليم الكبار أيضا. والاهتمام
بتعليم الكبار ازداد نمواً منذ القرن التاسع عشر ومازال حيث ترعى الدول كبارها
وتعلمهم وتدرب العاملين منهم ليعملوا على تحسين أوضاع العمل والمعيشة.
فإذا
تكلمنا عن تعليم الكبار كجزء أساسي من مكونات التعليم المستمر، فإن هذه النظرة
تجعلنا نقول إن بعض الدول الغربية شهدت مولد الجامعات الشعبية وفتح فصول لمحو
الأمية والمدارس الصيفية ومدارس الأحد، وقاعات الدروس المسائية ومراكز الثقافة
العمالية إلى آخر هذه الصيغ التعليمية الموجهة للكبار منذ سنة 1860م فعلى سبيل
المثال لا الحصر كان يوجد في فرنسا عام 1869م أربعة وثلاثون ألف برنامج دراسي
يستفيد منها ثمانمائة عامل. وفي إنجلترا وسعت جامعة (اكسفورد) من
وظائفها تحت اسم (الجامعة الممتدة) وقد أنشئ فيها قسم تعليم الكبار سنة 1845م.[14]
قررالمؤتمر
العام لليونسكو عام 1968م اثني عشر هدفاً
لعام التربية الدولي و كان من بينها هدف التربية المستمرة. إن الكثير من الدول المتقدمة
تؤكد في سياستها التعليمية على ضرورة تناغم النظم التعليمية فيها مع التطورات والمتغيرات
التي تطرأ في كيفية ونوعية المعارف والمهارات المتصلة بالتقدم التقني ووسائل
الإنتاج وما يؤدي ذلك في تطوير المهن و ترقية الأداء، ومن تلك الإجراءات تطوير
أنظمة التعليم عن بعد والتعليم المفتوح وجامعات الهواء وغيرها من المؤسسات التي
تهتم بالتعليم التقليدي وغير التقليدي، حتى تخدم غرض التعليم المستمر كما تقوم هذه
المؤسسات بتطوير وتدريب أداء الفنيين والمهنيين والمحترفين عبر المؤتمرات
والسمنارات وورش العمل وتعريفهم بالجديد والمفيد؛ لترقية الأداء و توسيع المدارك
ورفاه المجتمع.
إن شعارالتعليم
للجميع الذي كانت انطلاقته الأولى في جومتيين بتايلند عام
1990 هو عبارة عن التزام دولي يهدف إلى توفير التعليم "لكل مواطن في
كل مجتمع". وتضم الجهات الشريكة تحالفاً واسع النطاق
من الحكومات الوطنية، وفئات المجتمع المدني، والوكالات الإنمائية، مثل اليونسكو
والبنك الدولي. وكرد فعل للبطء الذي خالط التقدم الذي تحقق على مدى
عقد من الزمان في هذا المضمار فقد أُعيد تجديد هذا الالتزام في داكار بالسنغال في
إبريل
2000،
وأخرى في سبتمبر 2000؛ حيث اعتمدت 189 من البلدان والجهات الشريكة هدفي
التعليم للجميع من بين الأهداف الإنمائية للألفية الجديدة الثمانية[15].(MDGs)
خصائص تعليم الكبار
عندما
بدأ تعليم الكبار بصورة منظمة في الربع الأول من القرن العشرين كان النموذج الوحيد
أمام معلمي الكبار هو نموذج تعليم الصغار، وكانت النتيجة أنه حتى وقت قريب كان يتم
تعليم الكبار كما لو أنهم أطفال. هذا هو ما يبرر المتاعب العديدة التي جابها معلمو الكبار
مثل ضعف التحصيل الدراسي ووانعدام الدافعية والأداء السيئ لذلك افترض أن الكبار
يتعلمون بشكل أفضل إذا اشتركوا بأنفسهم في تحديد متى وكيف وماذا يتعلمون. ولكن حتى
خمسينات القرن الماضي لم يكن قد بدأ بعد البحث التجريبي على تعليم الكبار ولم تكن
الاختلافات بين الصغار والكبار في مجال التعليم قد ظهرت بصورة جادة. وكانت دراسة
أخرى قد أظهرت أن الكبار في الحقيقة يندمجون في التعلم بإرادتهم خارج نطاق التعلم
الرسمي أكثر من اندماجهم في البرنامج التوجيهية وأنهم في الحقيقة أيضاً يوجهون
أنفسهم بأنفسهم كمتعلمين. إن نظرية تعليم الكبار ترتكز على المبادئ الآتية:
·
الكبار يتعلمون بالتطبيق والمشاركة.
·
الكبار يملون عند الجلوس بشكل سلبي لفترات طويلة.
·
الكبار ليس لهم المقدرة على الإنصات السلبي لفترة طويلة.
·
الكبار لا يقبلون أفكار وخبرات الآخرين بسهولة فهم يميلون
لأن يكونوا شكاكين.
·
الكبار يتعلمون بسهولة الأشياء التي تفيدهم.
·
الكبار يتعلمون بشكل أحسن عندما يكون لهم بعض التحكم في
بيئة التدريب.
·
الكبار يتعلمون الأشياء الجديدة التي يمكن ربطها بخبراتهم
السابقة.
إن الكبار يمتلكون رصيدا راسخا من الخبرة التي دوما يربطونهابالمعارف
والمهارات الجديدةالتي يتلقونها فيزداد إدراكهم ثراء ويرتادون آفاقا جديدة لذلك
يجب إشراكهم فيما يريدون أن يتعلموه وأن تكون الأهداف واضحة ومحددة لهم. يأتي
الكبار إلى الموقف التعليمي بخلفية من الخبرة التي في ذاتها مورد غني لتعلمهم هم
أنفسهم ولتعلم الآخرين، لهذا ففي تعليم الكبار تأكيد أكثر على استخدام طرق التعلم
المستندة على الخبرة مثل المناقشات وتمارين حل المشكلات أو الخبرات الحقلية.
مصاعب التعليم المستمر في العالم العربي
يلخص
المنجي بو سنينة[16]
أهم مصاعب التعليم في البلدان العربية في الوقت الحاضر في حرمان الأطفال من
التعليم قبل المدرسي، وتدني نسب الالتحاق بالمرحلة الأولى
الالزامية مقروناً بارتفاع معدلات التسرب في بداية المرحلة والذي يزيد على 20 % الأمر الذي يضيف إلى الرصيد المرتفع
أصلاً للأمية بين الكبار والذي يدور حول 50 % ويرتفع إلى 65 % عند الإناث يضاف إلى
هذا أمية ثقافية تصيب نحو 80 % من مجمل السكان كما يعاني نحو 8 % من الذين تزيد
أعمارهم عن 15 عاماً من الأمية التقنية. ولقد ظهر مفهوم الأمية التقنية
حديثاً بعد التقدم التقني الهائل وعصر انبثاق فجر ثورة الاتصالات حيث اعتبرت بعض
الدول كاليابان مثلا أن عدم التعامل مع الحاسوب ومايتعلق به نوعاً من الأمية، كما
أن هنالك بعض الدول تعمل الآن على تنفيذ برنامج الحكومة الإلكترونية والمواطن
الالكتروني والتي من خلالها يتم إدارة الدولة عبر الحاسوب والشبكة العنكبوتية. ويرى
رفاي[17]
إن محو الأمية التقنية يظل مرهونا بمحو الأمية الأبجدية حيث أن الأمي أبجدياً لا
يتأتى له التعامل مع التقانة الحديثة إلا بعد أن يمحو أميته الأبجدية.
هنالك عدة أسباب يمكن
أن تشكل عقبة كأداء تعوق التقدم في مجالي التعليم المستمر و تعليم الكبار في
العالم العربي على سبيل المثال لا الحصر يمكن ذكر الآتي منها:
1. التردد في اتخاذ القرارات الجريئة التي
تتبنى الجديد المفيد في عصر انفجار المعرفة.
2. تجاهل عظم شأن التعليم كأحد الاستثمارات
المضمونة العائد ولكن في المدى البعيد
3. ضعف الاعتماد المالي المرصود للتعليم عموما
ناهيك عن تعليم الكبار والتعليم المستمر.
4. تجاهل التعليم المستمر وتعليم الكبار
وعدم ربطه بخطط التنمية.
5. عدم وجود فلسفة واضحة فيما يخص
مفهوم التعليم المستمر والأ طروالقوانين التي تحكمه.
6. فقدان الدوافع
المادية والمعنوية لدى المتعلمين.
7. تتعدد المآخذ على محتويات المناهج وأساليب التعليم.
8. تجاهل العلماء والباحثين وعدم تبني
نتائج أبحاثهم أو نشرها.
9. غياب المسؤولية
الإدارية بما في ذلك إدارات التعليم ·
10.
عدم
الاهتمام بتطوير المعلم الذي هو ركن أساسي لكل نهضة.
خاتمــــــة
إن التعليم المستمر
في عصرنا هذا تكونت فكرته و تشكلت مفاهيمه ورسمت مبادئه في الدول المتقدمة ، بل
أصبح ينظم كل أنواع ومستويات التربية في المجتمع. فهي قد قطعت شوطا بعيدا في هذا
المضمار وخاصةً في مجال تجديد المناهج وسائل نقل المعلومة وعلى كل حال فإن الدول
العربية بدأت تتلمس طريقها في اختيار أشكال التعليم الحديثة ودخول عصر العولمة لكن
ببطء وتردد وذلك نتيجة للجهل المطبق في رقاع عريضة من البلاد وكذلك التخلف الذي
يكتنف الأرياف و البوادي والحروب المستعرة هنا و هناكً. ولننهض من كبوتنا ونلحق
الركب يجب أن نضع في حسباننا التالي:
1. إنشاء مراكز للبحوث والتوثيق خاصة بالتعليم
المستمر وتعلبم الكبار بهدف تسهيل البحوث وانتشار البيانات المهنية بين الدول العربية.
2.
تشجيع
تكوين مؤسسات للتعليم العالي تساعد على
استمرارية التعليم والتأهيل لمن فاتهم قطار التعليم ولترقية أداء العاملين في
الدولة بمختلف تخصاتهم.
3. تحت مظلة التعليم المستمر نجد أيضا مايعرف
بالتعليم المهني والتدريب أثناء الخدمة فلذلك لا بد من إنشاء مراكز لتدريب
العاملين بالتعاون مع المعاهد الوطنية والجامعات وروابط التربويين والمشتغلين
بتعليم الكبار والتعليم المستمر.
4. يجدر بالدول العربية تعزيز التعاون فيما
بينها كي تدعم تطوير التعليم وتحسين مضمونه وأساليبه وتعزيز الجهود الرامية إلى
التوصل إلى استراتيجيات تعليمية جديدة. وتحقيقاً لهذه الغاية ينبغي لها العمل على
تضمين الاتفاقات الدولية المعنية بالتعاون في مجال التربية والعلم والثقافة
أحكاماً محددة بشأن التعليم المستمر.
5. ينبغي على الدول العربية أن تضع خبراتها
فيما يتعلق بالتعليم المستمر تحت تصرف الدول الشقيقة عن طريق تزويدها بمعونات
فنية، وبمعونات مادية أو مالية في الأحوال المناسبة.
6. التصديق بميزانيات منفصلة للتعليم
المستمر وتعليم الكبار.
7. الاهتمام بالتدريب بصورة عامة وبتدريب
الكوادر الدنيا والوسيطة على وجه الخصوص.
8. توظبف وسائل الإعلام المسموعة والمرئبة لتعليم
الكبار والتعليم المستمر ولنا في تجربة جمهورية مصر العربية أسوة حسنة حيث أنشأت
قناة تلفزيونية خاصة بمحو الأمية وتعليم الكبار.
9. ربط التعليم المستمر وتعليم الكبار
بجميع خطط التنمية.
10.
إنشاء
وتطوير أنظمة التعليم عن بعد والتعليم المفتوح وجامعات الهواء وغيرها من المؤسسات حتى
تخدم تعلبم الكبار والتعليم المستمر. كما تقوم هذه المؤسسات بتطوير وتدريب أداء
الفنيين والمهنيين والمحترفين وترقية أدائهم فينعكس ذلك على رفاهية أمتنا وتقدمها
لتحتل مكانها في مقدمة الركب.
المراجع والمصادر
"
إعلان مونتريال 1960م" : ترجمة هاشم أبو زيد الصافي، مجلة تعليم الكبار
والتنمية، (العدد 43)، 1994م.
الإمام
أبو حنيفة النعمان بن ثابت: المسند، ط1، (كتاب العلم)، تحقيق صفوة السقا، حلب،
مكتبة ربيع، 1962م.
"
شكري عباس حلمي ومحمد جمال نوير" : الاهتمام العالمي بتعليم الكبار، مجلة
تعليم الكبار، ط1، مكتبة وهبة، القاهرة، 1982م.
"
عبد الفتاح جلال" : تربية الكبار بين محو الأمية والتعليم المستمر، التربية
الحديثة، الجامعة الأمريكية، القاهرة، (العدد الأول، السنة الثالثة والأربعون)،
ديسمبر، 1969م.
على
أحمد مدكور: منهج تعليم الكبار، ط1، القاهرة، دار الفكر العربي،1986م.
عمر
إبراهيم رفاي. تقويم تجربة مراكز محو الأميةوتعليم الكبار في السودان ,رسالة
دكتوراه غير منشورة، جامعة الزعيم الأزهري كلية التربية. 2006م.
"
محمود أحمد عجاوي " : تعليم الكبار، مفهومه وأهدافه: التربية المستمرة،
المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، (العدد الرابع، السنة الثالثة)،
أبريل1982م.
"
محمود رشدي خاطر وعبد الفتاح جلال " : تعليم الكبار، تعريف بمجالاته ووسائله
وطرقه، مجلة آراء في التعليم الوظيفي للكبار، المركز الدولي للتعليم الوظيفي للكبار،
سرس الليان، مصر، (عدد خاص)، يناير 1972م.
محمود
قمبر: تعليم الكبار - صيغ - تجارب عربية، الدوحة، دار الثقافة،1985م.
محيي
الدين صابر: الأمية مشكلات وحلول، ط2، صيدا، بيروت، المكتبة العصرية، 1987م.
المنجي
بو سنينة(دكتور) :العالم العربي دخل القرن الحادي والعشرين
مثقل بسبعين مليون أمي معظمهم من النساء. مجلة الوعي الإسلامي العدد 493. 2006-12-23
"
هلمت دولف " : المدارس الشعبية ونشاطها الدولي: ترجمة علي موسى محمد، مجلة
تعليم الكبار والتنمية، معهد التعاون الدولي للاتحاد الألماني لتعليم الكبار،
(العدد 43)، سنة 1994م.
http://www.moe.gov.jo/school/eil/searchs/search3.htm المعلم مد الله النعيمات .مقال
http://web.worldbank.org/WBSITE/EXTERNAL/EXTARABICHOME/EXTFAQSARABIC/0,,contentMDK:20421101~menuPK:898421~pagePK:98400~piPK:98424~theSitePK:727307,00.html#seven
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق