الخميس، 12 مارس 2015

ترجمة القيم التعبيرية في القرآن الكريم حنان مضاري عبد العزيز أيت بها مركز ترجمة معاني القرآن الكريم وحوار الحضارات كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة القاضي عياض، مراكش- المغرب

ملخص
تطرح قضية ترجمة القرآن الكريم عدة مشاكل على الصعيدين النظري والتطبيقي، ومرد ذلك، بالدرجة الأولى، إلى نظمه المعجب وتركيبه المغرب، بحيث تعجز اللغة الهدف عن نقل خصائصه البلاغية في مستوياتها الصوتية والتركيبية والدلالية.
ويعد المستوى الصوتي، وبالتحديد مسألة القيم التعبيرية للأصوات، من بين المسائل التي ما تزال بحاجة إلى التدقيق النظري والتطبيقي في الترجمات المنجزة للقرآن الكريم، خاصة إذا علمنا الوظيفة الجمالية والبلاغية التي يقوم بها هذا المستوى في القرآن الكريم.
ومن هذا المنطلق نطرح هذه القضية للدراسة والتحليل، بدءا بالوقوف عند نظرة اللغويين العرب للمسألة، مرورا باستجلاء مواقف اللغويين الغربيين، واستعراض مختلف تجليات القيم التعبيرية في القرآن الكريم، وانتهاء بمناقشة ترجمة عدد من نماذج هذه الظاهرة في ترجمة يوسف علي.
وقد كان الهدف من هذا المقال هو الوقوف على المشاكل التي تطرحها ترجمة النكت البلاغية للقيم التعبيرية في القرآن الكريم، واقتراح بعض التوصيات في سبيل الحفاظ عليها، من قبيل الدعوة إلى ضرورة مراعاة ما تحمله أصوات القرآن الكريم من قيم تعبيرية وجمالية والحرص على استحضار أقرب المعادلات الموضوعية لألفاظ الأصل من حيث أصواتها، وذلك وفق منهجية مدققة تقتضي تخصيص كل آلية من الآليات التي يوظفها القرآن في القيم التعبيرية للأصوات بطريقة معينة في الترجمة.



تقديم
يستند فعل الترجمة إلى جملة من المرتكزات اللغوية والثقافية، وذلك باعتباره فعلا لغويا يسعى إلى خلق الحوار وتكريس الانفتاح بين الثقافات والحضارات، وتزداد العناية بهذه المرتكزات عندما يتعلق الأمر بترجمة نصوص لها خصوصياتها الثقافية واللغوية، وتختلف عن باقي النصوص من حيث الشكل والمضمون والوظيفة، ونقصد بذلك النصوص الدينية، وعلى رأسها القرآن الكريم.
وتقترن ترجمة القرآن الكريم على المستوى الثقافي واللغوي، بفعل التفسير، من حيث أهميتهما وخطورتهما في آن واحد، فإذا كان تفسير القرآن هو إيضاح مبانيه، وبيان معانيه بلغته ولأهل ثقافته، فإن ترجمته تقتضي من بين ما تقتضيه، بيان المعاني ونقلها إلى لغات أخرى وثقافات مختلفة.
ونظرا للخصوصية البلاغية الجلية في النص القرآني، فإن المطلب اللغوي، في نظرية الترجمة ينبغي أن يتسع ليستوعب هذه الخصوصية ويفيها حقها على جميع المستويات اللغوية.
ويعد المستوى الصوتي، وبالتحديد مسألة القيم التعبيرية للأصوات، من بين المسائل التي ما تزال بحاجة إلى التدقيق النظري والتطبيقي في الترجمات المنجزة للقرآن الكريم، خاصة إذا علمنا الوظيفة الجمالية والبلاغية التي يقوم بها هذا المستوى في القرآن الكريم.
ومن هذا المنطلق نطرح هذه القضية للنقاش والدراسة، بدءا بالوقوف عند نظرة اللغويين العرب للمسألة، مرورا باستجلاء مواقف اللغويين الغربيين، واستعراض مختلف تجليات القيم التعبيرية في القرآن الكريم، وانتهاء بمناقشة ترجمة عدد من نماذج هذه الظاهرة في ترجمة يوسف علي، وذلك بهدف الوقوف على المشاكل التي تطرحها ترجمة النكت البلاغية للقيم التعبيرية في القرآن الكريم، واقتراح بعض التوصيات في سبيل الحفاظ عليها.

المبحث الأول
القيم التعبيرية للأصوات في التراث اللغوي العربي القديم

تندرج القيم التعبيرية ضمن الدقائق التي عني القدماء بالبحث فيها وتتبع مختلف تجلياتها وتمظهراتها داخل اللسان العربي، وذلك بعد أن وجدوا أن كثيرا من هذه اللغة يضاهي بأجراس حروفه أصوات الأفعال المعبر عنها، يقول ابن جني في باب إمساس الألفاظ أشباه المعاني من كتاب الخصائص: "فأما مقابلة الألفاظ بما يشاكل أصواتها من الأحداث فباب عظيم واسع، ونهج متلئب عند عارفيه مأموم. وذلك أنهم كثيرا ما يجعلون أصوات الحروف على سَمْتِ الأحداث المعبر بها عنها، فيعدلونها بها ويحتذونها عليها. وذلك أكثر مما نقدره، وأضعاف ما نستشعره"([1]).
ويعد الخليل (174هـ) وسيبويه (194هـ) من أوائل من طرق هذا الباب وفطن إلى بديع المناسبة بين الألفاظ وما تدل عليه من معاني. ثم تلاهما ثلة من علماء القرن الثالث الهجري، من أمثال أبي عبيدة (210هـ)، والأصمعي (216هـ)، وأبي مسحل الأعرابي (230هـ)، وابن قتيبة (276هـ)، ويظل أبو الفتح بن جني (392هـ) أهم المنظرين لهاته الظاهرة، حيث عني بتتبعها ورصد أشكالها في مواضع مختلفة من كتابيه: الخصائص والمحتسب.
وتتبع مسار ابن جني جلة من العلماء أبرزهم: وشرف الدين الطيبي (743هـ)، جلال الدين السيوطي (911هـ).
واحتكم القدماء في تنصيصهم على العلاقة الطبيعية التي تجمع الصوت بمدلوله إلى مجموعة من المعايير التي يمكن اختزالها في معيارين أساسين: معيار صوتي، يتجلى ظهوره في إسنادهم قيما تعبيرية لبعض الكلمات انطلاقا من الخصائص النطقية والأكستيكية للأصوات المشكلة لها، ومعيار صرفي – معجمي يبرز بشكل واضح فيما حبروه في باب الاشتقاق الأكبر الذي عدوه – كما سنبين- وسيلة لتحقيق القيم التعبيرية للصوت.
1-              المعيار الصوتي للقيم التعبيرية
-                 الدلالة الطبيعية للأصوات
نبه اللغويون القدامى إلى أن اللغة تضم جملة من الألفاظ تدل بأصواتها على مدلولاتها، فلا يحتاج معها إلى البحث في المعاجم والكتب، لأن معناها مبثوث فيها، يدركه الذهن بمجرد استقبال الأذن لتشكيلها الصوتي.
ومن الأمثلة التي ساقها القدماء في هذا الباب لفظتا: صر وصرصر، قال الخليل: "كأنهم توهموا في صوت الجندب استطالة ومدا فقالوا: صرّ، وتوهموا في صوت البازي تقطيعا فقالوا: صرصر"([2]).
فانظر كيف صار اللفظ صدى للصوت، وتأمل كيف ضاعفوا الفعل لما وجدوا في الصوت المعبر عنه تقطيعا وقالوا: صرصر وأصله صرّ.

-                 القيم التعبيرية للصوامت
صار جليا أن للأصوات في أنفسها خواص مختلفة وأجراس متباينة تسهم في جعل مقابلة الألفاظ بما يشاكل أصواتها من الأحداث أمرا سهلا وميسرا، وأكثر كلام العرب قائم على هذه المقابلة، أفلا تراهم جعلوا الصوت الأقوى للفعل الأقوى، والصوت الأضعف للفعل الأضعف، يقول جلال الدين السيوطي: "فانظر إلى بديع مناسبة الألفاظ لمعانيها، وكيف فاوتت العرب في هذه الألفاظ المقترنة في المعاني، فجعلت الحرف الأضعف فيها والألين والأخفى والأسهل والأهمس لما هو أدنى وأقل وأخف عملا أو صوتا، وجعلت الحرف الأقوى والأشد والأظهر والأجهر لما هو أقوى عملا وأعظم حسا"([3]).
وكما استغلت اللغة قوة حروف الإطباق للدلالة على قوة الفعل استغلت كذلك قوة الحروف المفخمة في الفصل بين الفعل القوي والفعل الضعيف.
وينضاف الانفجار والاحتكاك إلى الصفات التي احتكم إليها المتقدمون عند إسنادهم لقيم تعبيرية للأصوات يفرقون على أساسها بين الألفاظ المتقاربة من حيث المبنى والمعنى، وكثيرا ما ناسبوا بين اللفظ ومدلوله انطلاقا من البحث في أصواته من جهة الجهر والهمس، فقرنوا الصوت المجهور لقوته بالفعل الأقوى، وقرنوا الصوت المهموس لضعفه بالفعل الأضعف، فقالوا.

-                 مراعاة القيم التعبيرية في ترتيب أصوات الكلمة
ذهب بعض القدماء إلى أن كثيرا من ألفاظ العرب دائر على المناسبة بين مواقع الأصوات داخل الكلمة وبين ما تحمله هاته الأصوات من قيم تعبيرية، يقول ابن جني: "نعم، ومن وراء هذا ما اللطف فيه أظهر، والحكمة أعلى وأصنع. وذلك أنهم قد يضيفون إلى اختيار الحروف وتشبيه أصواتها بالأحداث المعبر عنها ترتيبها، وتقديم ما يضاهي أول الحدث، وتأخير ما يضاهي آخره، وتوسيط ما يضاهي أوسطه، سوقا للحروف على سمت المعنى المقصود، والغرض المطلوب"([4]).
ومن النماذج التي مثل بها ابن جني لهذه الظاهرة الفريدة قولهم: جر الشيء يجره([5])، فقد عبر تقدم الخاء، وهي صوت مجهور، عن مشقة الجر، والتي تفرض على الجار المبالغة في استخدام القوة للتحكم في المجرور وسحبه، ووافقت الطبيعة النطقية للراء، والمتجلية في الاهتزاز والتكرار، اضطراب المجرور واهتزازه فوق الأرض.

-                 القيمة التعبيرية للصوائت
أدرك المتقدمون بحسهم المرهف أن للصوائت قدرة على الإيحاء الصوتي، وذلك باعتبار خصائصها النطقية والأكستيكية، ويعد ابن جني أهم من تتبع هذه الخصيصة في الصوائت واستخدمها في العديد من تحليلاته، ومن ذلك قوله في معرض فصله بين قول العرب حلا الشيء في فمي، وحلي بعيني: "حلا الشيء في فمي يحلو، وحلي بعيني، فاختاروا البناء على فعَل فيما كان لحاسة الذوق، لتظهر فيه الواو، وعلى فعِل في حَلِي يَحْلى لتظهر الياء والألف، وهما خفيفتان ضعيفتان إلى الواو؛ لأن [لو كان حس لكان أشبه] حصة الناظر أضعف من حس الذوق بالفم، وقالوا أيضا جُمام المَكُّوك دقيقا، وجِمام القدح ماء؛ وذلك لأن الماء لا يصح أن يعلو رأس القدح، كما يعلو الدقيق على رأس المكوك، فجعلوا الضمة لقوتها فيما يكثر حجمه، والكسرة لضعفها فيما يقل بل يعدم ارتفاعه"([6]).
ويوافق هذا المذهب في التحليل ما توصلت إليه الصوتيات الحديثة، حيث أكدت أن الضمة أثقل الحركات مما يجعلها أكثر حدة وقوة من نظيرتيها.

2-              المعيار الصرفي / المعجمي في إسناد القيم التعبيرية
سجل القدماء في عديد من المباحث اللغوية اختصاص بعض الصيغ الصرفية بمعان مخصوصة، فقد قرر سيبويه أن بين توالي حركات المثال وتوالي حركات الأفعال تناسبا خاصا([7])، ولاحظ ابن جني أن تكرير عين الفعل دال على تكرير الفعل وقوته([8])، كما أشار إلى أنه تتبع باب المصادر الرباعية المضعفة، وواصل البحث فيما ابتدأه الخليل وسيبويه، فوجد أن العرب وضعت المثال المكرر للدلالة على تكرار المعنى، وذكر أيضا أن صيغة (استفعل) تأتي في الغالب لإفادة معنى الطلب([9]).
وفي نفس السياق نجد ابن جني يعرض في باب الاشتقاق الأكبر جملة من الأمثلة بين من خلالها انعقاد الأصول الثلاثية وتقاليبها الستة على معنى واحد تجتمع التراكيب الستة وما يتصرف من كل واحد منها عليه، من ذلك تقليب (ج ب ر)، فهي تدل - أين وقعت - على القوة والشدة([10]).
وجملة الأمر أن القيم التعبيرية للأصوات ظاهرة متأصلة في تراثنا اللغوي التليد، حيث تحمس لها العديد من اللغويين، وأبدعوا في إسناد مجموعة من الدلالات المجازية للأصوات، وذلك انطلاقا من طبيعتها الصوتية، وخصائصها النطقية.

المبحث الثاني
القيم التعبيرية للأصوات عند اللغويين الغربيين

لقد شكلت آراء بعض اللغويين الغربيين امتدادا لما صدر عنه فلاسفة اليونان ولغويوهم، ذلك أنهم يؤمنون بوجود صلة طبيعية بين أصوات الكلمات وما تحمله من دلالات، فكما يرى همبلت (humboldt)، اتخذت اللغة للتعبير عن الأشياء طريق الأصوات لتوحي إلى الآذان، بنفسها أو بمقارنتها بغيرها، أثرا مماثلا لذلك الذي توحي به تلك الأشياء إلى العقول([11]).
وإذا كانت اللسانيات الحديثة، على لسان مؤسسها فرديناند دي سوسير، تؤكد، بما لا يدع مجالا للريب، كون العلاقة التي تربط بين طرفي العلامة اللغوية، أي الدال والمدلول، علاقة اعتباطية، فإن هذا القول لا يتعارض مع ما أقره لغويون آخرون من وجود نوع من المناسبة بين بعض الألفاظ ومدلولاتها، يقول أوتو جسبرسن (Otto Jespersen) معلقا على ما ذهب إليه همبلت (humboldt): "مع أن من بين الكلمات التي أوردها همبلت ما هو مشكوك فيه، فإن ذلك لا يؤثر على الحقيقة التي يناضل من أجلها، وهي أن شيئا من المناسبة الطبيعية موجود في بعض الكلمات"([12]).
وفي هذا السياق خصص جسبرسن الفصل العشرين من كتابه: اللغة طبيعتها، تطورها، وأصلها (language: its nature, development and origin) ([13]) لدراسة المناسبة بين الألفاظ ومعانيها، حيث أفرد المبحثين الأول والثاني منه لتلخيص أهم طروحات اللغويين قبله، وذلك قبل أن يعرض جملة من الجوانب التي تتبدى له فيها تلك المناسبة المنطقية بين الألفاظ ومعانيها، كل جانب في مبحث مستقل.
يتناول الجانبَ الأول في المبحث الثالث الموسوم ب (direct imitation)، ويقصد به التقليد المباشر للأصوات، ويعد عنده بمثابة المحاكاة لأصوات الطبيعة onomatopoeia، وذلك كالأصوات التي تصدر عن الأدوات المعدنية مثل:(clink) خشخشة، (chang) طنين، (clank) قعقعة، (splash) صوت رشاش المياه،...
أما الجانب الثاني فيعرض له في المبحث الرابع، تحث عنوان: (originator of sound)، وفيه يؤكد أن الألفاظ التي تعبر عن الصوت الطبيعي قد تنتقل، وتصبح معبرة عن مصدر هذا الصوت، وذلك كأن يصبح الزئير اسما من أسماء الأسد.
وأما الجانب الثالث، فقد تطرق له في المبحث الخامس المعنون ب: (movement)، وأوضح فيه أنه من الطبيعي أن يعبر بالصوت عن بعض الحركات التي تصدر، ويكون بينها وبين الصوت مناسبة، فبعض الحركات تصدر محدثة صوتا هادئا فيأتي الاسم مناسبا للصوت، وذلك مثل:
Bubble يبقبق splash- يرش clash- اصطدم - crack رقعة - peck ينقر
وخصص المبحث السادس، الذي عنونه ب: things and Appearances، للحديث عن وجود علاقة طبيعية بين ارتفاع النغمة والضوء، بين النغمات المنخفظة والظلمة.
وناقش في المبحث السابع المعنون ب: states of mind، كيف تحدث المناسبة بين الكلمات والحالات العقلية والنفسية، فكلمة gloom التي تعني الظلمة يمكن استعمالها لتعبر عن الغموض والإبهام.
وفي المبحث الثامن الذي وسمه ب: size and distance، يتحدث عن الصائت (I)، ويبين كيف تمكنه صفتا الضيق narrow، واللين thin، اللتان تلازمانه من الناحية النطقية من التعبير عما هو صغير وضعيف، أو عما هو مهذب ورقيق، وهي صفات يوحي بها هذا الصوت في لغات كثيرة.
وبناء على ما تقدم يمكن القول إن كل الوجوه التي ذكرها جسبرسن للمناسبة بين الصوت والمعنى لها سند من الخصائص الصوتية للأصوات، حيث نجد ارتباطا معقولا بين الصوت، من حيث خصائصه، والمعنى الذي أسند للفظ، اللهم إلا ما ذكره في المبحثين السادس والسابع، حيث ربط بين ارتفاع النغمة والضوء وعكسه، وبين بعض الألفاظ وبعض الحالات النفسية، وهذه القيم قد يكتسبها اللفظ من حيث السياق والتداول لا من حيث خصائص أصواته.
وعلى غرار ما فعله أوتو جسبرسن (Otto Jespersen)، ابتدأ ستيف أولمان Steve Ullman حديثه عن قضية القيم التعبيرية بتقرير استحالة تعميمها في جميع ألفاظ اللغة، لكنه ما لبث إلا قليلا حتى ذكر الجزء الآخر من الحقيقة، وهو وجود القيم التعبيرية في كثير من أصوات اللغة حسب أوضاعها، حيث يقول: "إن الكلمة "قهقهة" مثلا كلمة معبرة ووصفية إلى حد ما بالصيغة نفسها، والأصوات فيها دليل من دلائل المعنى، وفي استطاعة الأجنبي الذي لا يعرف مدلول هذه الكلمة أن يخمن هذا المدلول تخمينا دقيقا إلى حد ما (...) أضف إلى ذلك أن هذه الكلمة وأمثالها من الكلمات التي "تحاكي الأصوات" echo-words، كما هي التسمية المعروفة بها، هي في الحقيقة كلمات متشابهة إلى حد بعيد في لغات مختلفة"([14]).
ولم يقف أولمان عند هذا الحد، بل تجاوز ذلك إلى تأطير هذه الظاهرة وتأصيلها لغويا، فالثروة اللفظية للغة عنده تشكل مجموعتين عظيمتين؛ الأولى تتكون من الكلمات التقليدية العرفية (conventional)، وهي التي تحمل القيم الصوتية التعبيرية، وعكسها المجموعة الثانية التي تتكون من كلمات مولدة بدافع الضرورة (Inotivated).
وقد أدرج القيم التعبيرية ضمن الكلمات المولدة صوتيا في مقابل التوليد النحوي والمعنوي، ويتجلى هذا التوليد الصوتي عند أولمان في كلمات مثل (قهقهه) و(تمايل)، ففي الكلمة الأولى تقليد صوت لصوت آخر، وفي الثانية تُرجمت الحركة ترجمة دقيقة بوسائل صوتية([15]).
نلاحظ هاهنا أن أولمان يجعل المناسبة بين أصوات الألفاظ ومدلولاتها على نوعين:
الأول مناسبة أصوات اللفظ لصوت المعنى الذي تحمله، كما يتجلى ذلك في المثال الذي قدمه وهو كلمة (قهقه)، فالقاف والهاء في الكلمة هي نفس الأصوات التي يصدرها الإنسان عندما يقوم بفعل القهقهة، ومثل ذلك كلمات: (دقدق، هدهد).
والنوع الثاني هو الذي تكون فيه المناسبة بين طريقة النطق والتلفظ وبين معنى الكلمة، والمثال الذي ذكره أولمان هو كلمة (تمايل)، فإن الحركة التي تقوم بها أعضاء أثناء التلفظ بهذه الكلمة هي الحركة نفسها التي يكون عليها الإنسان المتمايل.
وقد أشار في نهاية حديثه عن التوليد الصوتي إلى نقطتين على غاية من الأهمية؛ الأولى هي كون المعنى، على الدوام يعظم شأنه ويرقى إذا ما صاحبته المؤثرات الصوتية التوقيعية الخالصة، فالجمالية والتعبيرية في المعنى تكون أظهر وأجلى إذا كانت الألفاظ المعبر بها تحمل المعنى أو جزءا منه في أصواتها، أما النقطة الثانية فهي إمكانية توظيف تكرار الأصوات، عبر السياق، توظيفا يقصد به إلى إحداث تأثير درامي يساعد على تجلية المعنى وتوضيحه([16]).
ومن بين المناقشات الدائرة بصدد هذه القضية أيضا، نجد الدراسة التصنيفية التي قام بها تزفيتان تودوروف (T. Todorov)، في مقالة له تحت عنوان: "دلالة الأصوات le sens des sons"([17])، حيث صنف النظريات الصوتية بخصوص القيم التعبيرية إلى قسمين كبيرين: يضم الأول وهو الذي يهمنا، النظريات الصوتية غير المعجمية، حيث يرمز الصوت إلى شيء معين دونما حاجة إلى وساطة كلمات اللغة، ويشمل الثاني النظريات الصوتية المعجمية، التي تدرس الرمزية الصوتية داخل اللغة، سواء على مستوى اللغة أو على مستوى الخطاب.
وداخل النظريات الصوتية غير المعجمية تحدث تودوروف عن وجهين من الرمزية الصوتية؛ يقوم الوجه الأول على أساس سمعي ويعتمد على نواة المحاكيات الصوتية، يقول ليبنيز (Leibniz): "يظهر أنه بالفطرة الطبيعية كان قدماء الجرمانيين والسلتيين يستعملون حرف R للدلالة على حركة قوية وعلى ضجيج يماثل ذلك الذي يصدر عن صوت R"([18]).
أما الوجه الثاني فقد وسمه تودوروف بالنظريات النطقية، وفيه يأخذ الرمز الصوتي دلالة معينة انطلاقا من الموضع الذي ينطق منه، وتبعا للكيفية التي بها ينطق، ويعد إفان فوناجي (Ivan Fonagy) من أبرز الذي طوروا هذه النظرية([19]).
من خلال هذا الجرد لمواقف وآراء عدد من اللغويين والدارسين الغربيين يتضح لنا أنهم لم يكتفوا فقط بتقرير وجود القيم التعبيرية في أصوات اللغة، بل تعدوا ذلك إلى القيام بتصنيف هذه القيم، ومحاولة حصر وجوهها المتعددة، فهي إما أن تقلد الأصوات الطبيعية، أو تدل على مصدر هذا الصوت، أو ترمز إلى الفعل من خلال حركتها، أو تستشف من التكثيف الصوتي في سياق معين، كل ذلك اعتمادا على المستوى الصوتي النطقي أو الأكوستيكي أو السمعي الإدراكي، وهذا يذكرنا بصنيع ابن جني والتصنيفات التي قدمها لما أسماه حذو مسموع الأصوات على حذو محسوس الأحداث، أو تصاقب الألفاظ لتصاقب المعاني، أو غير ذلك من التسميات.

المبحث الثالث
القيم التعبيرية في القرآن الكريم

يعد الإيحاء الصوتي ملمحا متفردا في القرآن الكريم، ويكاد يكون صفة ملازمة لكل ألفاظه التي نجد في أصواتها تجليا واضحا للصور المقصودة، حتى أن القارئ يستطيع "أن يغوص في المعنى الباطني للآية وأن يفتح آفاقها ويلج منعرجاتها، وما تخفيه من أسرار ومعان دقيقة"([20]).
ولقد عني العديد من المفسرين بتتبع القيم التعبيرية لأصوات القرآن الكريم وألفاظه، ورصد تجلياتها وطرق توظيفها، بيد أن جل دراساتهم وملحوظاتهم في هذا المبحث الجليل كانت تنزع نحو التطبيق، وسيكون هدفنا في هذا المحور، إن شاء الله، الوقوف عند جملة من الآليات وظفها القرآن الكريم بغرض تدقيق المعنى وربط اللفظ بأصله الحسي، وذلك عن طريق تتبع آراء المفسرين، وعرض جملة من التحليلات الصوتية التي خصوا بها طائفة من ألفاظ الذكر الحكيم، ومن هذه الآليات نذكر: دلالة الأصوات الطبيعية، والتضعيف، والحذف والزيادة.
1-              دلالة الأصوات الطبيعية
وردت في القرآن الكريم جملة من الألفاظ التي يقوم جرسها وتشكيلها الصوتي بتدقيق المعنى وتصوير ما تحويه من أسرار ومعان خفية، ومن نماذج هذه الظاهرة:
لفظ "دمدم" في قوله تعالى: çnqç/¤s3sù $ydrãs)yèsù tPyøBysù óOÎgøŠn=tæ Oßgš/u öNÎgÎ6/RxÎ/ $yg1§q|¡sù  [الشمس: 14]، قال أكثر المفسرين: "دمدم عليهم أطبق عليهم الأرض، يقال: دمّم عليه القبر، إذا أطبقه، ودمدم مكرر دمّم للمبالغة مثل كبكب، وعليه فوزن دمدم فَعْفَل"([21])، ولا شك أن ذات اللفظ تصور المعنى وتوحي بما وراءه، وتكاد ترسم مشهدا مروعا مخيفا، وقد سوى الله أرض القوم عاليها بسافلها، وهو المشهد الذي يرسم بعد الدمار الشديد([22]). ويناسب صوت الدال هول الصورة وعظمة الخالق، فطبيعته الصوتية انفجارية، حيث ينحبس الهواء لحظة من الزمن يعقبها انفجار محدثا صوتا تستشعر الأذن عند سماعه قوة وصلابة، كما أن صوت الميم يوحي بمعنى الإطباق المبثوث في لفظ دمدم، وذلك انطلاقا مما نلحظه عند نطقها من انطباق على مستوى الشفاه.

2-              دلالة التضعيف
يعد التضعيف ظاهرة بارزة في اللسان العربي، حيث يسهم في تأكيد المعنى، وإبراز قوته وشدته، وقد أبدع القرآن في توظيف الإمكانات الإيحائية لهذه الظاهرة، ومما نمثل به لهذا الملمح لفظ "يمسّكون" في قوله تعالى: tûïÏ%©!$#ur šcqä3Åb¡yJムÉ=»tFÅ3ø9$$Î/ (#qãB$s%r&ur no4qn=¢Á9$# $¯RÎ) Ÿw ßìÅÒçR tô_r& tûüÏÛÏ=óÁèRùQ$#[الأعراف: 170]، فالتشديد في لفظ "يمسّكون" يدل على المبالغة في الإمساك وإحكام القبض على كتاب الله، يقول سيد قطب: "إن الصيغة: "يمسّكون" تصور مدلولا يكاد يحس ويرى، إنها صورة القبض على الكتاب بقوة وجد وصرامة... الصورة التي يحب الله أن يؤخذ بها كتابه وما فيه"([23])، وقد اختار الأسلوب القرآني التعبير بهذا اللفظ دون لفظ "يُمْسِك" لإظهار هذه المعاني الإيحائية التي تصاحب ظاهرة التضعيف.

3-              مبتكرات القرآن
توافرت في القرآن الكريم طائفة من الألفاظ لا نكاد نجد لها وجودا في الاستعمال الأدبي أو الشعري، أو حتى اللغوي، حيث اقتصر وجودها وتوظيفها على القرآن الكريم، كغسلين، وغساق، وسلسبيل، وزقوم، وأسماء القيامة، كالطامة، والقارعة، والحاقة، وغيرها من الكلمات التي تلقي في الحس، بجرسها الصوتي، المعنى المراد التعبير عنه.
ولكي نتبين القيم التعبيرية لهاته الألفاظ نقف عند لفظ الصاخة في قوله تعالى: #sŒÎ*sù ÏNuä!%y` èp¨z!$¢Á9$# [عبس: 33]، و"(الصاخة) أي الصرخة العظيمة التي يبالغ في إسماع الأسماع بها حتى تكاد تصمها لشدتها، وكأنها تطعن فيها لقوة وقعتها وعظيم وجبتها، وتضطر الآذان إلى أن تصيخ إليها [أي] تسمع، وهي من أسماء القيامة، وأصل الصخ: الضرب بشيء صلب على مصمت"([24]). ولا ريب أن المتأمل في هذا اللفظ يجد تناسقا بين الجرس الصوتي للفظ والمعنى الإيحائي الذي يلقيه في النفس، وبين عظمة ذلك اليوم الموعود وشدة وقع أصواته على الخلق، فلفظ "الصاخة" "ذو جرس عنيف نافذ، يكاد يخرق صماخ الأذن، وهو يشق الهواء شقا، حتى يصل إلى الأذن صاخا ملحا"([25]).

4-              دلالة الحذف والزيادة في بعض أصوات اللفظ
كثيرا ما استخدمت العرب ظاهرتي الحذف والزيادة لغايات بلاغية وصوتية، فلجأت تارة إلى حذف بعض حروف الفعل طلبا لليسر ورغبة في المناسبة بين خفة اللفظ وخفة المعنى، ولجأت تارة أخرى إلى زيادة حرف - وغالبا ما يكون هذا الحرف قويا- لإفادة معنى المبالغة.
وقد أبدع القرآن الكريم في توظيف هاتين الظاهرتين، والاستفادة من إمكاناتهما الإيحائية، فمن أمثلة توظيفه لظاهرة الحذف قوله تعالى: ߊ%s3s? 㨍yJs? z`ÏB Åáøtóø9$# [الملك: 8]، فتميز "أي تقرب من أن ينفصل بعضها من بعض كما يقال: يكاد فلان ينشق من غيظه وفلان غضب فطارت منه شقة في السماء - كناية عن شدة الغضب"([26])، وأصلها تتميز، فحذف التعبير القرآني إحدى التائين دلالة على أنه يحصل منها افتراق واتصال على وجه من السرعة لا يكاد يدرك حق الإدراك.
ومن أمثلة توظيف التعبير القرآني للإيحاء الصوتي لظاهرة الزيادة لفظ "يصطرخون"، وهو "المبالغة في (يصرخون) لأنه افتعال من الصراخ، وهو الصياح بشدة وجهد، فالاصطراخ مبالغة فيه، أي يصيحون من شدة ما نابهم"([27]).
ويمكن للمتأمل في هذا اللفظ تلمس الدلالة في أصواته، وإدراك المبالغة المقصودة منه، إذ نجد في الصاد، وهي صوت قوي وشديد، قدرة عجيبة على محاكاة صوت المنبوذين في جهنم بما فيه من صخب وغلظة، ثم إن التقاء الطاء مع الصاد وحده كفيل بإلقاء هذه المبالغة والشدة في الحس، وذلك لكونهما معا مطبقين ومفخمين، وذلك فضلا عما تفيده الطبيعة التكرارية لصوت الراء من استمرار وامتداد مؤكدة دوام العذاب واتصال الصراخ.
ويتضح لنا استتباعا لما سبق أن لألفاظ القرآن الكريم قدرة عجيبة على محاكاة مدلولاتها، وذلك من خلال ما يوحي بها نسجها الصوتي من معان ودلالات يكون مرجعها الأساس الخصائص النطقية والأكستيكية للأصوات. ولقد وقفنا على جملة من الآليات والظواهر اللغوية التي وظفها القرآن لخلق مناسبة طبيعية بين اللفظ وبين المعنى المراد التعبير عنه.

المبحث الرابع
ترجمة القيم التعبيرية لأصوات القرآن من خلال ترجمة يوسف علي

سنقدم بين يدي هذا المبحث، قبل الشروع في مقاربة ترجمة القيم التعبيرية لأصوات القرآن، بعض الآراء النظرية حول ترجمة المكون الصوتي في النصوص عامة، باعتبارها مدخلا معرفيا للموضوع.


v             ترجمة المكون الصوتي في نظرية الترجمة
تجدر الإشارة إلى أن المستوى الصوتي من اللغة لم يشغل حيزا ضافيا في المؤلفات الموضوعة في نظرية الترجمة، فغالبا ما يركز المنظرون على المستوى النحوي والدلالي في اللغتين الأصل والهدف، أما المستوى الصوتي فلا يلتفت إليه، ولا يعتد به، ولا تتم مراعاته أثناء الترجمة إلا نادرا.

ومن بين الدراسات القليلة التي تطرقت للتنظير لترجمة الأصوات، كتاب:

Thinking Arabic Translation: A Course in Translation Method: Arabic to English حيث خصص مؤلفوه: James Dickins، Sandor Hervey،Ian Higgins فصلا للموضوع تحت عنوان: "Phonic/ graphic and prosodic issues in translation"، ولم يغب عن هؤلاء الدارسين أنه بصرف النظر عن بعض الصدف العارضة، لا يوجد أي نص هدف يستطيع أن يعطينا نفس التسلسل والتتابع الصوتي الموجود في النص الأصلي، وهو ما يعني، وعلى الدوام، وجود ضياع في الترجمة([28]).

بيد أن ثمة أسئلة ملحة وجديرة بالطرح: هل يؤثر هذا الضياع على الترجمة؟ وهل يجب على المترجم أن يعنى به أم لا؟ ومتى يكون ذلك؟
انطلق أصحاب الدراسة، للإجابة عن هذه الأسئلة من تصنيف النصوص حسب طبيعة المكون الصوتي ووظيفته فيها، فثمة نصوص لا تحتفل بالصوت والتشكيل الصوتي ولا تؤدي فيها الأصوات أية وظيفة تعبيرية أو تأثيرية، كما نجد في النصوص العلمية والتقريرية؛ وفي المقابل من ذلك توجد نصوص توظف القيم الصوتية من أجل تحقيق التأثير وقوة التعبير، والنموذج الواضح لهذه النصوص هو الشعر وغيره من النصوص الأدبية الفنية.
وبناء على هذا التصنيف قرروا أن المترجم يجب عليه أن يتتبع مقصود الكاتب، والهدف المنشود من النص، ووظيفة المكون الصوتي فيه، فإن كانت له وظيفة تعبيرية وجب على المترجم العناية به ومحاولة توصيله للمتلقي الهدف قدر الإمكان، وإن كان العكس فلا عليه إن تجاهله، ولا ضير في ضياعه، لأن الهدف هو إيصال رسالة النص الأصلي بالقدر الممكن([29]).
غير أنه يجب ألا يؤدي السعي وراء استحضار القيم الصوتية إلى تضييع المعنى، لأن الغرض الأساس هو إبلاغ المعنى، والقيم الصوتية ما هي إلا وسيلة من وسائل هذا التبليغ، لذلك لا ينبغي أن تؤثر مراعاتها سلبا على المعنى.
وقد تبين للدارسين أن التشكيلات الصوتية مفهوم مشترك بين اللغات، وهو ما يعني إمكانية تعويض التشكيلات الصوتية الموجودة في النص الأصلي بتشكيلات صوتية في اللغ الهدف، تؤدي نفس المعنى([30]).

v             نماذج تطبيقية من ترجمة القيم التعبيرية في القرآن الكريم
ليس يتشكك أحد في بلاغة القرآن الكريم وفصاحته، سواء كان مؤمنا به أو جاحدا، كما أن الوظيفة التعبيرية والتأثيرية للمكون الصوتي جلية وبادية فيه، لا يحسن إنكارها، وقد تبينا ذلك في المبحث السالف بالأمثلة والشواهد، كما تبينا وعي القدماء من المفسرين والبلاغين بذلك.
والذي ننادي به هو أن تؤخذ هذه البلاغة الصوتية، على مستوى القيم التعبيرية، بعين الاعتبار، حيال ترجمة القرآن الكريم إلى اللغات الأخرى، لأن ضياع هذا المستوى ليس خسارة بسيطة في الترجمة، بل إن مراعاته من عدمها تشكل فارقا كبيرا في الإبلاغ والتوصيل والتلقي.
فالأصوات في جميع اللغات لها خصائص وسمات مميزة تجعلها مصنفة إلى فصائل ومجموعات، وهذه السمات تكون إما على مستوى المخارج والمدارج، أو على مستوى الصفات النطقية والأكستيكية من جهر وهمس، وشدة ولين، واحتكاك وانفجار، وغيرها؛ وبناء على هذه الخصائص تكتسب أصوات المجموعة جملة من القيم التعبيرية المشتركة، وبناء عليها أيضا يسهل علينا، إلى حد ما مراعاة هذه القيم في النص الهدف أثناء الترجمة، وذلك بتعويض الأصوات المعبرة في الألفاظ والسياق، بما يقابلها من حيث خصائصها وسماتها في اللغة الهدف.
ونحن في هذا المبحث التطبيقي سنحاول الوقوف عند مزيد من الشواهد القرآنية، التي تتجلى فيها القيم التعبيرية بوجه من الوجوه التي ذكرناها، وهذه المرة سنحاول مقارنتها مع المعادلات الموضوعية التي قدمها يوسف علي في ترجمته للقرآن إلى الإنجليزية.


1-              دلالة الأصوات الطبيعية
يوظف القرآن الكريم كثيرا من الألفاظ المحاكية لمعانيها بأصواتها، فتكون دلالة هذه الأصوات دلالة طبيعية، وسنقف على شاهد لهذه الظاهرة ونرى كيف اختار يوسف علي أن يترجمه، وإلى أي مدى وفق في ذلك.
لفظا "صر" و"صرصر" اللذان يردان في القرآن مسندين إلى الريح للدلالة على كونها باردة شديدة البرودة، وكذلك كونها قوية لدرجة أنها تكون مصوتة ومصرصرة، يقول البقاعي معلقا على قوله تعالى في سورة الحاقة: $¨Br&ur ׊$tã (#qà6Î=÷dé'sù 8xƒÌÎ/ AŽ|Àö|¹ 7puŠÏ?%tæ  [الآية: 6]: "أي هي في غاية ما يكون من شدة البرد والصوت كأنه كرر فيها البرد حتى صار يحرق بشدته والصوت حتى يصم بقوته"([31]).
وكذلك يعلق ابن عاشور على الآية 16 من سورة فصلت:  $uZù=yör'sù öNÍköŽn=tã $\tÍ #ZŽ|À÷Ž|À þÎû 5Q$­ƒr& ;N$|¡ÏtªU بقوله:  "والصرصر الريح العاصفة التي يكون لها صرصرة، أي دوي في هبوبها من سرعة تنقلها، وتضعيف عينه للمبالغة في شدتها بين أفراد نوعها (...) وأصله صر أي صاح"([32]).
وعندما نقف على المعادلات التي قدمها يوسف علي نسجل جملة من الملاحظات التي تبين مدى الضياع الترجمي بين الأصل والهدف، فهو يترجم قوله تعالى في (آل عمران): È@sVyJŸ2 8xƒÍ $pkŽÏù ;ŽÅÀ [الآية 117] بقوله:
"likened to a wind which brings a nipping frost":(The Qur’an Translation, Translated by Yusuf Ali: 39)
بينما يترجم قوله تعالى: "ريحا صرصرا" الواردة في فصلت الاية 16، وكذلك قوله تعالى: 8xƒÌÎ/ AŽ|Àö|¹  الواردة في سورة الحاقة الآية 6، بمعادل واحد هو:
"a furious wind" (The Qur’an Translation, Translated by Yusuf Ali: 357)
وهذه المعادلات تؤدي معنى القوة وشدة البرد في الريح، لكنها لا تؤدي معنى شدة التصويت والصرصرة، ولا يخفى الأثر النفسي الذي يُولده هذا التصويت وتلك الصرصرة في النفس.
وقد لا حظنا وجود الصوت [R] التكراري الذي يقابل صوت الراء في العربية، والصوت [F] في هذه المعادلات، وهذا الصوت يحاكي إلى حد كبير صوت الريح وحفيفها، لكنه لا يفي بالغرض المنشود من الاختيار القرآني وهو العنف والشدة المروعين، اللذان نستشفهما من صوت الصاد الذي يناسب بصفيره المفخم صرصرة الريح المعذِّبة.

2-              دلالة التضعيف:
يؤدي التضعيف أو التشديد أو التثقيل دورا مهما في كثير من ألفاظ القرآن، إذ يؤكد المعنى الذي يحمله اللفظ ويدل على شدته وقوته، خاصة إذا كان في صوت له خصائص صوتية قوية، وهو يطرح إشكالا عند الترجمة، وسنبين جانبا منه عند الوقوف على ترجمة يوسف علي لنموذج من نماذجه.
-            لقد قدم يوسف علي المقابل نفسه للفعلين (تبع) و(اتبع)، فترجم قوله تعالى: $oYù=è% (#qäÜÎ7÷d$# $pk÷]ÏB $YèŠÏHsd ( $¨BÎ*sù Nä3¨YtÏ?ù'tƒ ÓÍh_ÏiB Wèd `yJsù yìÎ7s? y#yèd Ÿxsù ì$öqyz öNÍköŽn=tæ Ÿwur öNèd tbqçRtøts [البقرة: 38]
We said: "Get you down all from here; and if, as is sure, there comes to you Guidance from Me, who so ever follows My guidance, on them shall be no fear, nor shall they grieve.: (The Qur’an Translation, Translated by Yusuf Ali: 4)
-            وترجم قوله تعالى: tA$s% $sÜÎ7÷d$# $yg÷YÏB $JèÏHsd ( öNä3àÒ÷èt/ CÙ÷èt7Ï9 Arßtã ( $¨BÎ*sù Nà6¨ZtÏ?ù'tƒ ÓÍh_ÏiB Wèd Ç`yJsù yìt7©?$# y#yèd Ÿxsù @ÅÒtƒ Ÿwur 4s+ô±o  [طه: 123]
"He said: "Get you down, both of you,- all together, from the Garden, with enmity one to another: but if, as is sure, there comes to you guidance from Me, who so ever follows My guidance, will not lose his way, nor fall into misery": (The Qur’an Translation, Translated by Yusuf Ali: 205)
والفعلان ليسا مترادفين، بل إن فعل (اتبع) يستقل بدلالة وزيادة في المعنى تبعا للزيادة في مبناه، يقول ابن الزبير الغرناطي: "(تبع) فعَل وهو الأصل و(اتبع) فرع عنه لأنه يزيد عليه وهو منبئ عن زيادة في معنى فعَل بمقتضى التضعيف، فعلى هذا ورد (فمن تبع) لإنبائه عن الإتباع من غير تعمل ولا تكلف ولا مشقة، وأما (اتبع) فإن هذه البنية، أعني بنية افتعل، تنبئ عن تعمل وتحميلٍ للنفس، فقدم ما لا تعمل فيه وأخر (اتبع) لما يقتضيه من الزيادة"([33]).
وهذه الزيادة هي التي غابت عن ذهن يوسف علي حين قدم نفس المعادل لفعلين مختلفين من حيث الدلالة نظرا لكون أحدهما مضعفا مشددا خلافا للآخر.

3-              مبتكرات القرآن
ونقصد بها تلك الكلمات التي ابتدعها القرآن للدلالة على معنى لم تكن متداولة في الدلالة عليه قبله، ويكون بين هذا المعنى وبين التشكيل الصوتي لهذه الكلمات مناسبة واضحة وجلية. وقد تعامل يوسف علي في ترجمته مع هذا النوع بطريقتين مختلفتين؛ فترك بعض نماذجه كما هو محافظا على تشكيله الصوتي العربي، بينما قام بتقريب معاني بعضها الآخر.
أ-          من بين الكلمات التي فضل يوسف علي تركها كما وردت، دون أن يقترح لها معادلا موضوعيا؛ كلمة "زقوم"، فترجم قوله تعالى في سورة الواقعة: tbqè=Ï.Uy `ÏB 9yfx© `ÏiB 5Qq%y [الواقعة: 52]
"You will surely taste of the Tree of Zaqqum. [Waqi'a, The Eneviable event 52]: (The Qur’an Translation, Translated by Yusuf Ali: 363)
فلفظة "زقوم" لم تكن مستعملة في لغة العرب، ولم يكن أحد يدري ما هذه الشجرة المسماة بهذا الاسم، فهي شجرة في جهنم، ولم يطلع عليها أحد، وإنما استفاد العرب معناها من وصف القرآن لها في مواضع مختلفة، ومن تشكيلها الصوتي الدال على الغرابة والكراهة، يقول البقاعي: "(من زقوم) أي شيء في غاية الكراهة والبشاعة في المنظر ونتن الرائحة والأذى"([34]). ويقول سيد قطب: "على أن لفظ (الزقوم) نفسه يصور بجرسه ملمسا خشنا شائكا مدببا يشوك الأكف بله الحلوق"([35]).
ورغم أن المترجم اجتهد وترك الكلمة على حالها، فإن ثمة ضياعا صوتيا حتميا لا يمكنه أن يتفاداه، لأنه راجع إلى اختلاف النظام الصوتي بين لغة الأصل واللغة الهدف، فصوت القاف الذي يحمل جزءا كبيرا من إيحاءات هذه اللفظة بالغرابة والخشونة والصلابة، لا وجود له في أصوات اللغة الإنجليزية، وقد عوضه بأقرب الأصوات إليه من حيث مخرجه وخصائصه الصوتية وهو "الكاف Q".
ب-        ومن الكلمات التي وضعها القرآن لتدل بتشكيلها الصوتي على معناها، كلمة "الصاخة" في قوله تعالى: #sŒÎ*sù ÏNuä!%y` èp¨z!$¢Á9$#  [عبس: 33]، وقد اختار يوسف علي، خلافا لما فعل مع الكلمات السابقة، أن يضع لها معادلا من اللغة الهدف، حيث ترجمها ب:
At length, when there comes the Deafening Noise,- [Abasa, or He Frowned 33]: (The Qur’an Translation, Translated by Yusuf Ali 405)
وفي هذا تضييع للحمولة الدلالية الكامنة في أصوات اللفظة القرآنية المختارة بعناية، فصوت الصاد المفخم المصمت، مقرونا بصوت الخاء الاحتكاكي، يعبران أيما تعبير عن الصخ، "وأصل الصخ الضرب بشيء صلب على مصمت"([36]). بل إن الصاد هي الصوت الأشد مناسبة للصراخ، ومن ثم فالصاخة "لفظ ذو جرس عنيف نافذ، يكاد يخرق صماخ الأذن، وهو يشق الهواء شقا، حتى يصل إلى الأذن صاخا ملحا"([37]).
ولا نجد هذا في أصوات المقابل الإنجليزي، فكلمة "noise"، تدل على الضوضاء والصداع دلالة لا مناسبة فيها، ولعل المترجم أدرك هذا النقص، لذلك أضاف إليها الوصف "مصمة Deafening" لتدل على كون هذه الضوضاء شديدة لدرجة أنها تصم الآذان.
وكان يغنيه عن هذا أن يحافظ على تشكيلها الصوتي كما هو في الأصل، على غرار ما فعل مع الكلمات الأخرى زقوم وسلسبيل، وهي المنهجية نفسها التي قرر مركز ترجمة معاني القرآن في كلية الآداب جامعة القاضي عياض، أن يتعامل بها مع المصطلحات القرآنية، وتقتضي هذه المنهجية أن يحافظ المترجمون على البنية الصوتية للكلمات والمصطلحات التي لا مقابل لها في اللغات الأجنبية، وتدل على معاني إسلامية في المتن القرآني المترجم، ويتم تفسيرها في معجم خاص يلحق بالترجمة.
وإذا كانت هذه الفكرة خليقة مع كل المصطلحات القرآنية، بما فيها التي لا تحمل أية دلالات صوتية إيحائية، فهي من باب أولى، أخلق وأليق بهذه التي ذكرنا والله أعلى وأعلم.
4-              دلالة الحذف والزيادة في بعض أصوات اللفظ
يأتي الحذف في اللفظ ليدل إما على سرعة الفعل أو خفته، وفي المقابل يكون اللفظ غير المحذوف دالا على البطء والإطالة والقوة في الفعل، ومن نماذجه في القرآن الكريم قوله تعالى في سورة الكهف: (#þqãè»sÜó$# br& çnrãygôàtƒ $tBur (#qãè»sÜtGó$# ¼çms9 $Y6ø)tR [الآية: 97]، فالفعل الأول حذفت منه التاء، بينما لم تحذف من الثاني، ولا يمكن في حق كلام الله تعالى أن يكون هذا الحذف اعتباطا، فما هي النكتة البلاغية التي يفيدها هذا الحذف الصوتي؟ "والجواب أنه يقال استطاع واستاع واسطاع، والأول الأصل، ثم يحذفون أحد الطرفين تخفيفا، فجيء أولا بالفعل مخففا عند إرادة نفي قدرتهم على الظهور على السد والصعود فوقه، ثم جيء بأصل الفعل مستوفى الحروف عند نفي قدرتهم على نقبه وخرقه، ولا شك أن الظهور أيسر من النقب، والنقب أشد عليهم وأثقل، فجيء بالفعل مخففا مع الأخف، وجيء به تاما مستوفى مع الأثقل، فتناسب، ولو قدر بالعكس لما تناسب، وأيضا فإن الثاني في محل التأكيد لنفي قدرتهم على الاستيلاء على السد وتمكنهم منه، فناسب ذلك الإطالة"([38]).
والمناسبة مطلوبة في كل شيء، وهي فضيلة في الكلام، ومزية يربو بها بعضه على بعض، وعُدمها يذهب بشطر البلاغة، ويُنسَب إلى العي والخطل، وترجمة يوسف علي للآية، وهي:
"Thus were they made powerless to scale it or to dig through it". [Kahf, or The Cave 97]: (The Qur’an Translation, Translated by Yusuf Ali: 191)
ضيعت هذه المناسبة، وفقدت هذه المزية، حيث إنه لم يعبر عن المعنيين، ولم يفصل بين الفعلين، بل جمعهما، رغم تفاضلهما، في معادل واحد "Powerless"، وكان ينبغي أن يضع للفعل التام المستوفى معادلا يفي بمعناه الزائد على معنى الفعل المخفف مراعاة للأصل القرآني الذي اختار التعبير عن كل حدث بالفعل الأنسب والأليق.
وأما الزيادة فمن نماذجها لفظٌ زيد فيه صوت قوي شديد، للدلالة على المبالغة وشدة الفعل، وهو لفظ "يصطرخون" في قوله تعالى: öNèdur tbqäz̍sÜóÁtƒ $pkŽÏù !$uZ­/u $oYô_̍÷zr& ö@yJ÷ètR $·sÎ=»|¹ uŽöxî Ï%©!$# $¨Zà2 ã@yJ÷ètR [فاطر: 37]، فقد زيد فيه الصاد لإظهار قوة الصراخ وشدته واستطالته، فـ"(يصطرخون) مبالغة في (يصرخون)، لأنه افتعال من الصراخ، وهو الصياح بشدة وجهد، فالاصطراخ مبالغة فيه، أي يصيحون من شدة ما نابهم"([39]).
وصوت الصاد شديد المناسبة والمواءمة لهذه الدلالة بما فيه من الشدة والتفخيم والاستطالة، فضلا عن كون جرسه يناسب مناسبة طبيعية كل ما فيه صراخ وصخب وصداع، يقول سيد قطب: "ثم ها نحن أولاء يطرق أسماعنا صوت غليظ مختلط الأصداء، متناوح من شتى الأرجاء، إنه صوت المنبوذين في جهنم: (وهم يصطرخون فيها) وجرس اللفظ نفسه يلقي في الحس هذه المعاني جميعا"([40]).
وتآزر مجموع أصوات اللفظ مع صوت الصاد لتؤدي هذا المعنى الإضافي، وخاصة صوتي الطاء الانفجاري المطبق، وصوت الراء التكراري الذي يجعل فعل الصراخ متكررا على الدوام.
وقد اجتهد يوسف علي في ترجمته لكي يقرب هذه المعاني إلى المتلقي الأجنبي، فأردف الفعل الدال على الصراخ بوصف يدل على كونه جهوريا، بعد أن أعجزه اللفظ المفرد الموحي بصوته، فقال:
"Therein they will cry aloud" (The Qur’an Translation, Translated by Yusuf Ali: 287)
ورغم أن الفعل "Cry" يحتوي على الصوت R الذي يقابل الصوت التكراري العربي، إلا أن ذلك التناسب الذي نلمسه بين الصوت والمعنى في اللفظ القرآني يضيع في هذه الترجمة، لأنها تفتقد الأصوات الأخرى التي توحي بالصراخ نفسه وقوته وشدته واستطالته.

خاتمة
تتعدد الآليات والأساليب الصوتية التي وظفها القرآن الكريم في الإيحاء والقيم الصوتية التعبيرية، وقد ناقشنا في هذا المقال جملة منها، وعلى رأسها؛ الإيحاء بالأصوات الطبيعية، والتضعيف، والحذف والزيادة في أصوات اللفظ.
ولم يعتمد يوسف علي في ترجمته للقرآن الكريم على منهجية محددة وواضحة لتوصيل وتبليغ هذه القيم، مما نتج عنه فشل في النقل وضياع في الترجمة.
والذي ندعو إليه هو ضرورة مراعاة ما تحمله أصوات القرآن الكريم من قيم تعبيرية وجمالية والحرص على استحضار أقرب المعادلات الموضوعية لألفاظ الأصل من حيث أصواتها، وذلك وفق منهجية مدققة تقتضي تخصيص كل آلية من الآليات السابقة بطريقة معينة في الترجمة.
فأما الأصوات والألفاظ التي تكون لها إيحاءات طبيعية من قبيل "صر وصرصر وأف" وكذلك المصطلحات ذات التشكيل الصوتي الموحي، والتي هي من وضع القرآن، فنرى أن تنقل كما هي ويُحافظ على تشكيلها الصوتي، ويتم تذييلها بهوامش توضيحية إذا لزم الأمر.
وأما آليات التضعيف والإدغام والزيادة والحذف، فينبغي على المترجم أن يقابلها بما يعادلها في النظام الصوتي للغة الهدف، بحيث يستشعر منها المتلقي الهدف ما نستشعره نحن من القيم التعبيرية في الأصل.



لائحة المصادر والمراجع

أولا: المصادر والمراجع العربية
القرآن الكريم
1-              الإعجاز الفني في القرآن: عمر السلامي، نشر وتوزيع مؤسسة عبد الكريم بن عبد الله، تونس، 1980.
2-              البرهان في علوم القرآن: الزركشي (794هـ)، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية، عبسى البابي الحلبي وشركاؤه، ط1، 1957.
3-              التصوير الفني في القرآن: سيد قطب، دار الشروق، بيروت، دار الثقافة، البيضاء، ط8، 1983.
4-              تفسير التحرير والتنوير: ابن عاشور، الدار التونسية للنشر، تونس، 1984.
5-              الخصائص: ابن جني (392)، تحقيق: محمد علي النجار، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط4، 1999.
6-              دلالات الظاهرة الصوتية في القرآن الكريم: خالد بني دومي، عالم الكتب الحديث، إربد، 2006.
7-              دور الكلمة في اللغة: ستيف أولمان، تر. كمال بشر، مكتبة الشباب: د.ت.
8-              الرمزية الصوتية في شعر أدونيس: الدلالة الصوتية والصرفية: محمد بونجمة، مطبعة الكرامة، الرباط، 2001.
9-              في ظلال القرآن: سيد قطب، دار الشروق، الطبعة الشرعية الثامنة والثلاثون، 2009.
10-       الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل: جار الله الزمخشري (538هـ)، تحقيق وتعليق ودراسة: عادل عبد الموجود، وعلي محمد معوض، مكتبة العبيكان، ط1، 1998.
11-          مبحث في قضية الرمزية الصوتية، طبيعة العلاقة بين الكلمة وما ترمز إليه: البدراوي زهران، دار المعارف، ط.2، 1987.
12-          المحتسب: ابن جني (392)، تحقيق: علي النجدي ناصف، وعبد الفتح إسماعيل شلبي، لجنة إحياء التراث الإسلامي، القاهرة، 1984.
13-       المزهر في علوم اللغة وأنواعها: جلال الدين السيوطي (911هـ)، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، ومحمد جاد المولى، وعلي البجاوي، المكتبة العصرية، صيدا-بيروت، ط1، 2004.
14-          ملاك التأويل: ابن الزبير الغرناطي (708هـ)، تحقيق: سعيد الفلاح، دار الغرب الإسلامي، ط1، 1983.
15-          نظم الدرر في تناسب الآيات والسور: برهان الدين البقاعي (885هـ)، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة، د.ت.

ثانيا: المصادر والمراجع الأجنبية
16-          Dickins, J. and Hervey, S. and Higgins, I. (2002) Thinking Arabic Translation: A Course in Translation Method: Arabic to English. Routledge.
17-          Jespersen, O: language: its nature, development and origin, London: George allen and Unwin LTD.Ruskin House, First published in 1922.
18-          Todorov, T: le sens des sons, poétique N 11, 1972
19-          Yusuf Ali, A: The Qur’an translation, published by Tahrike Tarsile Qur'an, Inc Publishers and Distributors of The Qur'an p.b.box 731115 Elmhurst, new York.




([1])         الخصائص: 2/159.
([2])         نفسه: 2/154.
([3])         المزهر: 1/52-53.
([4])         الخصائص: 2/164.
([5])         نفسه: 2/166.
([6])         الخصائص: 2/19.
([7])         نفسه: 2/154.
([8])         نفسه: 2/157.
([9])         نفسه: 2/155.
([10])        نفسه: 2/137.
([11])        دلالات الظاهرة الصوتية في القرآن الكريم: 50.
([12])        Jespersen, O: language: its nature, development and origin: 397
([13])        ibid: chapter XX: sound symbolism; 396 – 411.
([14])        دور الكلمة في اللغة: 73.
([15])        دور الكلمة في اللغة: 73- 74.
([16])        نفسه: 77- 78.
([17])        Todorov, T: le sens des sons: 446.نقلا عن الرمزية الصوتية في شعر أدونيس: الدلالة الصوتية والصرفية: 10
([18])        Todorov, T: le sens des sons: 447 نقلا عن الرمزية الصوتية في شعر أدونيس: 11
([19])        الرمزية الصوتية: 12 – 13.
([20])        الإعجاز الفني: 99.
([21])        التحرير والتنوير: 30/375.
([22])        في ظلال القرآن: مج. 6، ج.30، ص. 3919.
([23])        نفسه: مج. 13، ج. 9، ص. 1388.
([24])        نظم الدرر: 20/269.
([25])        في ظلال القرآن: مج. 6، ج. 30، ص. 3834.
([26])        نظم الدرر: 20/ 234- 235.
([27])        تفسير التحرير والتنوير: 22/318.
([28])        Thinking Arabic Translation: 80
([29])        Ibid: 82 – 83
([30])        Thinking Arabic Translation:. 83.
([31])        نظم الدرر: 20 / 343.
([32])        تفسير التحرير والتنوير: 24/ 259.
([33])        ملاك التأويل: 1/ 190، 191.
([34])        نظم الدرر: 19/ 216 – 217.
([35])        في ظلال القرآن: مج 6/ ج 27/ 3465.
([36])        نظم الدرر: 21/ 269.
([37])        في ظلال القرآن: مج 6/ ج 30/ 3834.
([38])        ملاك التأويل: 2/ 791.
([39])        تفسير التحرير والتنوير: 22/ 318.
([40])        في ظلال القرآن: مج 5/ ج 22، ص. 2945.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق